الإمام الخامنئي "دام ظلّه"
يعد الدعاء من فرائض شهر رجب، فهذا الشهر هو شهر الله، شهر التوجه إلى الله وشكره، شهر الدعاء والزيارة، وأعماله كثيرة جدًّا. ومن الأدعية المستحبة التي تقرأ بعد كل صلاة في شهر رجب دعاء (يا مَنْ أَرْجُوهُ لِكُلِّ خَيْر)، وقد يقرأ هذا الدعاء بنحوين:
قراءة تلتفت إلى المعاني والمفاهيم السامية التي يحملها الدعاء في كلماته.
وقراءة لفظية لا يُلتفت فيها إلى المعاني ولا تترك أثرًا في القلب.
طبعًا القراءة الأولى في كل مرتبة تقدم الإنسان درجة نحو الله، فهذا الدعاء يُمثّل حال التضرّع والعبودية تجاه الخالق الباري.
"يا مَنْ أَرْجُوهُ لِكُلِّ خَيْر":
نحن نرجو الخير والثواب في كل عمل نقوم به، في الحراسة والصلاة، في الكلام الصادق وعمل الخير، نرجو الثواب في كل عمل إلهي.
"وَآمَن سَخَطَهُ عِنْدَ كُلِّ شَرٍّ" :
نحن نرى أنفسنا في أمن من سخط الله فيما نفعله من سيئات... أليس كذلك؟! لا يوجد لدينا أي خوف في ذلك. أليس هذا كافيًا ليكون درسًا لنا؟! أن أرى نفسي آمنة من غضبه تعالى في كل شر؟! حقًّا إن هاتين العبارتين كافيتان لمناجاة الله، ومعناهما أنك يا رب حليم لا تستعجلني بالعذاب، وهذا يُظهر العظمة الإلهية من جهة وصفات العباد من جهة أخرى.
"يا مَنْ يُعْطِي الْكَثيرَ بِالْقَليلِ":
نحن نرى مجاهدات هذه الأمة وبالأخص مظلومية الإمام (قده) ودماء الشهداء المضحين الذين كانوا يفدون أنفسهم ويصبرون ويستقيمون مقابل الشدائد، وإلى ما هنالك من أعمال جعلت العالم اليوم يتحول وينقلب على نفسه، وحقًّا إن أعمالنا مقابل هذا الثواب قليلة جداً.
"يا مَنْ يُعْطي مَنْ سَأَلَهُ":
يا من تعطي كل من يطلب منك، كل ما يريده عبدك، طبعًا كل ما يصبُّ في مصلحة الإنسان. أصلاً أساس الخلقة أن يعطي الله عباده ما يشاؤون وإن لم يلتفت الإنسان لذلك، وقد يتقدم أو يتأخر زمن تحقق حاجة الإنسان، لكن لابد أن تتحقق ولا صعوبة في ذلك. كان البعض يقولون قبل انتصار الثورة إننا ندعو كثيرًا ومع كل ذلك الدعاء لم يزل حكم الشاه ونظامه من الوجود!
وكنت أقول إن للدعاء وقتًا للإجابة ووقتًا خاصًّا به، وإن تصبروا حتى وصول ذلك الزمن يُفرّج الله عنّا، وكما رأينا فقد أتى ذلك الزمن واستجيب الدعاء.
"يا مَنْ يُعْطي مَنْ لَمْ يَسْأَلْهُ":
أي يا من تعطي من لم يسألك من قبل أي عطاء، فعندما تولد هل تطلب من الله لبنًا؟! ولكن الله يمدنا بلبن من خلال الأم. نعم إن عطاء الله متحقق دون طلب العباد.
"وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ":
كالكفار والذين لا دين لهم ولا معرفة لهم بالله، وما هو سبب ذلك؟!
"تَحَنُّناً مِنْهُ وَرَحْمَةً":
عن رحمة وتحنن.
"اَعْطِني بِمَسْأَلَتي إِيّاكَ جَميعَ خَيْرِ الدُّنْيا وَجَميعَ خَيْرِ الآخِرَةِ":
ترون أن الله لا يعطي الإنسان الكثير من الحاجات التي قد تتصورونها خيرة وحسنة، فبعض النعم، بعض الأموال، وبعض الجاه والمقامات قد يكون مضرًّا للإنسان، فالله هو العالم بمصلحة الإنسان، لذا يصح أن يقول الإنسان في طلبه "إلهي هب لي الخير فإنني لا أعلم ما هو وأين هو".
"وَاصْرِفْ عَنّي بِمَسْأَلَتي إِيّاكَ جَميعَ شَرِّ الدُّنْيا وَشَرِّ الآخِرَةِ":
أي أبعد عنّي جميع شرور الدنيا والآخرة.
"فَإنَّهُ غَيْرُ مَنْقُوص ما أَعْطَيْتَ:
فمقدرة الله وخزائنه لا متناهية، والنقص مني أنا، منا نحن، نحن ناقصون وضيّقو النظر، ويجب علينا أن نخاطب الله هكذا، فنقول: "وَزِدْني مِنْ فَضْلِكَ يا كَريمُ".
هنا ينتهي الدعاء، وعندها تأخذ بلحيتك لتظهر منتهى التضرع والذلة والخشية أمام الله سبحانه وتعالى، فقد كان الإمام يأخذ بلحيته باكياً ويقول:
"يا ذَا الْجَلالِ وَالإكْرامِ، يا ذَا النَّعْماءِ وَالْجُودِ، يا ذَا الْمَنِّ وَالطَّوْلِ، حَرِّمْ شَيْبَتي عَلَى النّارِ".
فإن أعطانا الله النعم ولكن لم يحرم أجسادنا على النار، فهل يكون لذلك فائدة؟! أنتم إن قرأتم هذا الدعاء يوميًّا خمس مرات ستتقربون من الله، وقد سبق أن قلت إن عليكم أن تتيقنوا من هذه المسائل، ولا شك أنكم تعتقدون بذلك وترونه عملًا واجبًا ذا أهمية، وهو حربة في وجه أعدائكم، وإن كنتم تعتقدون غير ذلك فإنكم تضيعون حياتكم هدرًا.
الشيخ محمد الريشهري
الشيخ محمد مصباح يزدي
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ محمد جواد مغنية
عدنان الحاجي
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ باقر القرشي
السيد ابو القاسم الخوئي
محمود حيدر
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان