مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ باقر القرشي
عن الكاتب :
الشيخ باقر بن الشيخ شريف بن الشيخ مهدي بن الحاج ناصر بن الشيخ قاسم بن الشيخ محمد بن الشيخ مسعود بن عمارة القرشي .rn عالم عراقي بارز، و كاتب و محقق متخصص في التاريخ الإسلامي وسيرة المعصومين عليهم السلام.rn ولد عام 1344 هـ في النجف الأشرف / العراق .rn التحق بالحوزة العلمية في النجف الأشرف فدرس الفقه و الأصول و العلوم الإسلامية فتخرج منها برتبة عالية .rn من أساتذته: آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي قدس سره، آية الله العظمى السيد محسن الحكيم قدس سره.rn مؤلفاته تجاوزت السبعين منها: حياة الرسول الأعظم (٣ مجلدات)، موسوعة حياة اهل البيت (٤٢ مجلداً).rn توفي يوم الأحد 26 رجب سنة 1433 هـ في النجف الأشرف فصلى عليه المرجع الديني السيد محمد سعيد الحكيم قدس سره .rn دفن في مكتبته الخاصة ( مكتبة الامام الحسن عليه السلام ) في النجف الأشرف عصر يوم الأثنين الموافق 18/6/2012.rn

الإسلام محبّة ومودّة

الأخوّة الإسلاميّة مودّةٌ ورحمةٌ ورأفة، ومواساة في السرّاء والضرّاء، لا تخضع لحدود الوطن، ولا لعنصر ولا لقبيلة أو أسرة، ولا لأيّ حاجز من الحواجز المصطنعة التي يُقيمها الناس في الأرض، إنّها امتداد ذاتي للعقيدة الإسلاميّة القائمة في أعماق القلوب، لا تتغيّر ولا تتبدّل، إنّها من العناصر المقوّمة للحياة.

 

الأخوّة الإسلاميّة وحدة لا تعدّد ولا تشتّت فيها، قد ازدهرت بها الحياة الإسلاميّة في عصورها الأولى، فكان المسلم يقسّم داره نصفين، فيعطي نصفًا منها لأخيه المسلم الذي لا يجد دارًا لسكناه، وكذلك كان يشاركه في لقمة العيش.

 

وقد استطاع المسلمون بهذه الروح الزكيّة أن يسيطروا على معظم أنحاء العالم، ويحملوا لهم أسمى القيم والمبادئ، وتدين لهم الأمم والشعوب بالولاء والإكبار.

 

ونعرض لما أثر عن أئمّة الهدى (ع) من أحاديث في الأخوّة الإسلاميّة، وما ينبغي أن يتحلّى به الإنسان المسلم من صفات كريمة، وغير ذلك ممّا يرتبط بها من شؤون:

 

المسلم أخو المسلم

 

وتضافرت الأخبار عن مصابيح الإسلام، ومنابع الحكمة، أئمّة أهل البيت (ع) في سموّ الأخوّة الإسلاميّة، وعظيم شأنها، منها: قال الإمام الصادق (ع): «الـمُؤمِنُ أخو المـُؤمِنِ كَالجَسَدِ الواحِدِ إنِ اشتَكى شَيئاً وَجَدَ ألَمَ ذلك في سائِرِ جَسَدِهِ، وأَرْواحُهُما مِن رُوحٍ واحِدَةٍ، وإنَّ رُوحَ الـمُؤمِنِ لأَشَدُّ اتِّصالًا بِرُوحِ اللهِ مِنِ اتّصالِ شُعاعِ الشَّمْسِ بِها». «1». أرأيتم هذا الوسام الذي منحه سليل النبوّة إلى الأخوّة الإسلاميّة، فالمسلم أخو المسلم، وهما كنفس واحدة ليست بينهما أيّة فواصل.

 

قال الإمام الصادق (ع): «الـمُؤمِنُ أخو المؤمِن، عَيْنُهُ وَدَليلُهُ، لا يَخُونُهُ، وَلا يَظْلِمُهُ، وَلا يَغُشُّهُ، وَلا يَعِدُهُ عِدَةً فيُخلِفَهُ». «2». لقد أقام الإمام الأخوّة الإسلاميّة على أساس وثيق من المودّة والرحمة، ونزّهها عن الخيانة والخذلان.

 

قال الإمام الصادق (ع) أيضاً: «أخُوكَ المؤمِنُ أمانَتُكَ، فَاحْفَظِ الأَمانَةَ تَنل خَيْرَ الجَزاءِ». «3». انظروا إلى هذا الاهتمام البالغ بالترابط بين المسلمين حفظًا على الوحدة الإسلاميّة واتّحاد الكلمة. لقد جهد أئمّة أهل البيت (ع) على جمع كلمة المسلمين، وشيوع الألفة والمودّة بينهم، وفي طليعتهم سيّد العترة الإمام أمير المؤمنين (ع)، فقد تحمّل المحن الشاقّة والعسيرة، وخلد إلى الصبر حينما تقمّص الخلافة غيره، ومحلّه منها محلّ القطب من الرّحى - على حدّ تعبيره – فقد آثر مصلحة المسلمين على كلّ شيء.

 

الصفات الرفيعة للمسلم

 

ينبغي للمسلم أن يتحلّى بالصفات الرفيعة والـمُثل الكريمة ليكون قدوة في سلوكه إلى الغير، وقد أدلى الإمام الصادق (ع) بكوكبة من أحاديثه عن تلك الصفات، كان منها: قال (ع ): «يَنبغي لِلمؤمنِ أَن يكونَ فيه ثَمان خِصالٍ: وَقُوراً عند الهزاهِزِ - أي الفتن - صَبُوراً عِندَ البلاء، شكوُراً عِندَ الرَّخاءِ، قانِعاً بما رَزَقَهُ اللهُ تعالى، لا يَظلِمُ الأَعْداءَ، ولا يَتَحامَلُ لِلأَصْدِقاءِ، بَدَنُهُ مِنْهُ في تَعَبٍ والنّاسُ مِنهُ في راحَةٍ. إنَّ العِلْمَ خليلُ المؤمنِ، والحِلْمَ وَزيرُهُ، وَالعَقلَ أميرُ جُنودِهِ، وَالرِّفقَ أخُوهُ، والبِرَّ والِدُهُ». «4». إنّ مَنْ يتّصف بهذه الصفات الرفيعة فقد ارتقى إلى أرقى مستويات الشرف والكمال.

 

ووصف الإمام الصادق (ع) الإنسان المسلم بحديثه التالي، قال (ع): «في المؤمِنِ ثَلاثُ عَلاماتٍ: إذا حَدَّث صَدَق، وَإذا ائْتُمِنَ أَدَّى الأَمانَةَ، وَإذا وَعَدَ أَنْجَزَ وَعْدَهُ». «5». هذه الصفات التي يريد الإسلام أن يتزيّن بها المسلم ليكون مثالًا للإنسانيّة الكاملة وعنواناً للإسلام.

 

أدلى الإمام الصادق (ع) بحديث له عن الـمُثل العُليا التي ينبغي للمسلم أن يتحلّى بها. قال (ع): «الـمُؤمِنُ حليمٌ لا يَجهلُ، وإنْ جُهِلَ عليه يَحلم، ولا يَظلِمُ، وإن ظُلِمَ غَفَرَ، ولا يبخَلُ، وإن بُخِلَ عَليهِ صَبَر». «6». إنّ الإنسان إنّما يسمو بهذه النزعات الشريفة التي تشبّهه بالملائكة طهارةً وقداسةً وروحانيّة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الحكم الجعفريّة : 42 .

(2) أصول الكافي : 2 / 166 ، الحديث 3 . الاختصاص : 21

(3) الاختصاص : 21 .

(4) الكافي : 2 / 47 ، الحديث 1 .

(5) حياة الإمام الصادق : 4 / 373

(6) حياة الإمام الصادق : 4 / 373 .

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد