مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ مرتضى الباشا
عن الكاتب :
الشيخ مرتضى الباشا، من مواليد سيهات في 1395 هـ، التحق بالحوزة العلميّة ودرس على مجموعة من علمائها، له كثير من النّشاطات والمشاركات عبر مواقع الإنترنت، وله العديد من المؤلفات منها: الحبوة في مناسك الحج، أسرار الحج في كلمات العلماء، ذبائح أهل الكتاب (دراسة مقارنة)، فيه آيات بينات، ومذاكرات في التقريب والوحدة (المنهج التقريبي السليم).

أربعة لا يستجيب الله تعالى لهم

روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: أربع لا يستجاب لهم دعاء:

 

1- الرجل جالس في بيته، يقول: (يا رب ارزقني)، فيقول له: (ألم آمرك بالطلب ؟).

 

2- ورجل كانت له امرأة فدعا عليها، فيقول به (ألم أجعل أمرها بيدك؟).

 

3- ورجل كان له مال فأفسده، فيقول: (يا رب ارزقني)، فيقول له: (ألم آمرك بالاقتصاد، ألم آمرك بالاصلاح؟) ثم قرأ (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا).

 

4- ورجل كان له مال، فأدانه بغير بيّنة، فيقول له: (ألم آمرك بالشهادة؟). "المصدر: الدعوات (سلوة الحزين): 33".

 

توضيح الحديث:

 

أولاً: عندما يقول الحديث (أربع لا يستجاب لهم دعاء) فمعنى ذلك أنّ الإمام بصدد الحديث عن أربعة حاليًا، ولكن هناك أشخاص آخرون لا يستجاب لهم الدعاء، لم يرد الإمام الحديث عنهم حاليًا، ولمعرفة بقية الأسباب علينا الرجوع إلى نصوص أخرى.

 

ثانيًا: يظهر لي أنّ المذكور في هذا الحديث هي أمثلة بارزة لطوائف من الناس، فأتى بالإمام بالمثال لتوضيح الطائفة من خلال المصداق والمثال.

 

توجد أربع طوائف من الناس لا يستجاب دعاؤهم:

 

الطائفة الأولى: من لا يعمل بالأسباب الطبيعية:

 

الله سبحانه هو مسبّب الأسباب، واقتضت حكمته أن يجعل الأسباب المادية، فمن أراد الوصول إلى أمر معين، فعليه أن يسلك عبر تلك الأسباب مستعينًا بالله تعالى.

 

فمن أراد الرزق المادي، عليه أن يعمل في وظيفة مثلاً، أو في تجارة أو عمل حرّ، فيكون قد أخذ بالأسباب، ومع ذلك يدعو الله لسعة رزقه، فيكتب الله تعالى له التوفيق والرزق.

 

أما من اكتفى بالدعاء فقط، ولم يعمل بالأسباب، فإنّ دعاءه لا يستجاب، لأنه مخالف للحكمة الإلهية والسنن والقوانين التي جعلها الله لهذا العالم.

 

وهكذا: المريض الذي يمتنع عن مراجعة الطبيب وتناول الدواء، ويكتفي فقط وفقط بالدعاء، فإنّ الله تعالى لا يستجيب له.

 

وهكذا: الطالب الذي يريد التوفيق في الدراسة بالدعاء فقط، بدون مذاكرة الدروس.

 

الطائفة الثانية: من بيده الخلاص من مشاكله:

 

الزوج التي لا ينسجم مع زوجته، ويعاني من أخلاقها السيئة وتعاملها، ولا يوجد لديه مجال للتوافق أو الصبر، ألم يجعل الله تعالى بيده (الطلاق)؟

 

إذن الحل بيدك، فلماذا لا تفعّل ذلك الحلّ بعد أن يئست من العلاج؟

 

تدعو الله تعالى أن يريحك منها، أو يقبض روحها، أو غير ذلك، وأنت بيدك الطلاق؟!!!

 

وكذلك صاحب العمل، إذا لم يعجبه أداء أحد الموظفين، وكان الموظف مهملاً أو غير مؤهل، ولم ينفع معه النصح والتوجيه، ولا التدريب والتأهيل، فلماذا تدعو الله تعالى أن يجد لك الحل مع هذا العامل، والحل بيدك، وهو استبعاد العامل واستبداله بغيره.

 

الطائفة الثالثة: من يضيع النعمة بسوء تصرّفه:

 

مثلاً: إذا منّ الله تعالى عليك بالمال، فالمال محدود، وأنت مطالب بإنفاقه باعتدال، بلا إسراف ولا تقتير (بخل).

 

إذا بخلت على نفسك في الصرف، فما فائدة المال عندئذ؟ هل فائدته أن تخزنه للورثة من بعدك؟

 

وكذلك إذا أسرفت في المال فأنفقته في أمور لا تستحق، فأنت مذنب، وأنت سبب المشكلة التي وقعت فيها، وسبب ذهاب النعمة، فلا يستجاب لك الدعاء.

 

وكذلك الشخص السليم، إذا أفرط في تناول الحلويات والسكريات، وهو غير مبالٍ بصحته، والسمنة ومرض السكر، إذا أصيب بالمرض، ثم دعا الله تعالى، فالله لا يستجيب له، لأنّ الله منّ عليه بالنعمة، وهو الذي فرّط فيها ولم يحافظ عليها.

 

الطائفة الرابعة: من يخالف التوجيهات والإرشادات الإلهية:

 

قال الله سبحانه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ  وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ  وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ  فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا  فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ  وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ  فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ) "البقرة: 282".

 

من يقرض آخرين بدون أن يكتب ذلك، وبدون أن يكون لديه الإثبات والشهود، فإذا أنكر الطرف الآخر (الدين)، ولم يسدد، فلا تلومنّ إلا نفسك، ولو دعوت الله تعالى ليرد عليك مالك الذي أضعته، فإنّ الله لا يستجيب لك.

 

الأب (مثلاً) إذا وجّه ابنه عدة مرات، وحذّره، ومع ذلك: خالف الابن التوجيهات ولم يعمل بها، إذا وقع الابن في مشكلة، إذا أراد الاستعانة بوالده، ربما يجيبه والده: ألم أنصحك وأنبّهك على هذا الأمر مرارًا؟؟!! الآن عليك أن تخلص نفسك بنفسك، دبّر حالك، لأنك لا تسمع النصيحة.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد