شهر رمضان هو شهر الله؛ وبناءً عليه فإنّ هذا الزمان هو زمان مناسب جدًّا للإنسان لكي يعمق ارتباطه بالله. صحيح أنّ كل الأزمنة هي لله، ولكن كون شهر رمضان كذلك، فهذا يعني أنّه فرصة مميزة جدًّا للإنسان لكي يتوجه في هذا الشهر الفضيل إلى كل المعاني والمقامات والأهداف الكبرى لدين الله والتفكر فيها بعمق، والرجاء بأن يتحقق بها وألّا يكون هناك حدٌّ لهذا الرجاء.
الله تعالى فاتح باب الرجاء المطلق ومن معاني ذلك هو ما يتجلى في ليلة القدر... فمن أجل أن تحترم الناس هذا الرجاء، فقد جعله الله تعالى مقنّنًا أولًا في شهر ثمّ عاد وحدّده في ليلة. وهذا لا يعني أنّ أبواب الرجاء مقفلة في باقي أيام السنة، وإنّما جعل الله تعالى هذا التدبير من أجل أن نركّز رجاءنا أكثر، ونختبر أعلى مستوى من الرجاء في حياتنا ولو مرة واحدة، فنتوجه بكل ما يمكن أن يحمله الرجاء.
هذه الليلة هي صاحبة وعود عظيمة، لا بل كل الوعود فيها. والحد الأدنى من هذه الوعود هو أن ينال الإنسان المغفرة فيخرج من ذنوبه جميعًا، والمغفرة بمعنى جبران ومحو آثار الذنوب بحيث يستعيد الإنسان الاستعدادات والقابليات والاستحقاقات التي أفقدته إياها تلك الذنوب؛ وهو أمر أوسع من العفو والتوبة التي يكون أثرها هو أن لا يُعقاب الشخص على أفعاله.
وعند التأمل في الأحاديث والروايات لا يوجد هناك شروط أو أعمال مجهدة وشاقة ينبغي أن يقوم بها الإنسان حتى ينال هذه الوعود وثواب وبركات هذه الليلة، باستثناء شرط واحد وهو أن لا يكون في قلبه شحناء أو حقد على أخيه المؤمن، والسبب في ذلك هو أنّ هذا الحقد يجعل قلبه ضيّقًا غير مستعد لاستقبال فيوضات هذه الليلة المباركة.
وما عدا ذلك فإنّ مسألة الإحياء هي أمر سهل وميسّر، يكفي أن يبقى الإنسان مستيقظًا في هذه الليلة إكرامًا لها وتعظيمًا لشأنها حتى تُغفر جميع ذنوبه، وكل الأعمال الأخرى المذكورة إنّما هي أعمال إضافية تكريمية من أجل أن يتوجّه الإنسان أكثر في قلبه.
فالقضية في جوهرها إذًا هو بقاء هذا الرجاء وهذا الأمل وينبغي اعتبار هذا الأمر من أكبر تحديات الحياة إلى درجة أنّه إذا ضعف هذا الرجاء أو انعدم لا سمح الله، ينبغي على الشخص أن يخاف على نفسه أكثر من أي شيء آخر؛ حتى إنّ استحقاق جهنم يرجع إلى زوال الرجاء وليس إلى الذنوب والمعاصي، فالرجاء يطفئ نار جهنم "ما عُبد الله بأفضل من حسن الظن به".
الإنسان يفقد قوة الرجاء حين لا يدرك القوانين والحكمة والسنن التي على أساسها الله عز وجل يعطي أو لا يعطي. المشيئة الإلهية ليست اعتباطية ونحن نحاول اكتشاف أسرارها وقوانينها. هذه الحياة تحمل لنا الكثير من الاختبارات والامتحانات التي لا نتوقعها، وأحد الامتحانات التي لا ينبغي أن نغفل عنها أبدًا هو امتحان الثبات على طاعة الله وعلى الميثاق. وليلة القدر تأتي لتفعّل هذا الامتحان في أنفسنا، فهي من جهة تفتح كل أبواب الرجاء بصورة غير مسبوقة، لكن في الوقت نفسه فإنّ تحقق هذه الوعود والمعاني يبدو تقريبًا نادرًا.
حين يعود الإنسان وينظر إلى حياته، فإنّه لا يرى أن هناك تناسبًا بين هذه الوعود وواقع حياته، لذلك الكثير من الناس يتراجعون عن هذا الرجاء المفتوح في هذه الليلة المباركة ويتخلون عنه وعن الارتباط بما تحمله هذه الليلة من وعود وإمكانات عجيبة للإنسان.
وهنا نطرح هذا السؤال: إذا كانت المسالة متاحة وميسرة إلى هذا الحد، فلماذا لا ننال هذه الحقائق؟.. الله سبحانه وتعالى لا يعطي إلا عن حكمة، والحكمة كلها كامنة في موضوع الصدق. فما هو هذا الصدق؟ وكيف يُعرف؟
يعرف بقضية جوهرية وأساسية هي الثبات.
الله تعالى إنما يطيل عمر الإنسان أو يعطيه الفرصة تلو الفرصة لهدف وهو تثبيت الصدق أو مشاهدته واكتشافه في نفسه؛ وهذا أحد أهم أسرار وحكم التكرار. لا يمكن للإنسان أن يستحق مقامًا، ما لم يكن صادقًا في طلب هذا المقام. والصدق بقدر ما هو واضح وبديهي من ناحية المفهوم، فهو خفي من ناحية الواقع والتحقق؛ لذلك لا يعرف الإنسان إذا كان من الصادقين إلا أن يُمتحن، ويُعد الصوم من الامتحانات التي تثبّت الصدق والإخلاص في الإنسان؛ وذلك لأنّه من السهل على الإنسان أن يكذب ويخون في شهر رمضان المبارك كأن يأكل ولا أحد يراه، لكنه لا يفعل.
من هنا، عند الله عز وجل العبادة والثبات عليها أهم بكثير من نتاج العبادة مهما كان. لذلك أعلى وأحلى ما يناله الإنسان في بداية العطاء الإلهي هو حلاوة العبادة والمناجاة والذكر والاستئناس بالعبادة، وهذه هي طريقة الله عز وجل لجذب عباده إليه.
فإذا رأيتم في أنفسكم أن حلاوة العبادة تزداد سنة بعد سنة، فمعنى ذلك أنّ كل هذه المقامات والمعاني هي من نصيبكم، وموجودة في خزائنكم، أما متى تكتشفونها أو تستفيدون منها، فهذا له علاقة بدوركم في الحياة، {وما ننزله إلا بقدر معلوم}.
الشيخ محمد مصباح يزدي
السيد عادل العلوي
الشيخ محمد صنقور
عدنان الحاجي
السيد محمد حسين الطهراني
السيد عباس نور الدين
الشيخ جعفر السبحاني
السيد جعفر مرتضى
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ حسين الخشن
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
جاسم الصحيح
حبيب المعاتيق
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
الشيخ عبد الحميد المرهون
ناجي حرابة
عبدالله طاهر المعيبد
جاسم بن محمد بن عساكر
التعددية الدينية
زيادة الذاكرة
الضمائر في سورة الشمس
متى وكيف تستخدم الميلاتونين المنوم ليساعدك على النوم؟
تراتيل الفجر، تزفّ حافظَينِ للقرآن الكريم
في رحاب العيد
لنبدأ انطلاقة جديدة مع الله
المنطقة تحتفل بعيد الفطر، صلاة ودعاء وأضواء وتواصل
من أعمال وداع شهر رمضان المبارك
العيد الامتحان الصعب للحمية