أباح الإسلام للإنسان أن يحيا في نعيم الطيّبات، وأن يظهر بمظهر الزينة ما دام غير باغ ولا عاد، فقد جاء في الآية 31 من سورة الأعراف: «قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ، قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ، كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ. قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ، وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً، وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ».
فالحرام في دين الإسلام هو الشرك والكذب والبغي والإثم والفواحش، والعيش على حساب الناس، أما أن يتقلب الإنسان في نعيم الحلال، ويعيش عيشة راضية فأحب إلى اللّه من أن يكون ضعيفًا مهانًا. قال الرسول الأعظم: «المؤمن القوي خير وأحب إلى اللّه من المؤمن الضعيف». وقال: الفقر هو الموت الأكبر.
وقال الإمام علي لولده محمد بن الحنفية: يا بني إني أخاف عليك الفقر، فاستعذ باللّه منه، فإن الفقر منقصة للدين، مدهشة، داعية للمقت. وقال: الغنى في الغربة وطن، والفقر في الوطن غربة. وقال: كاد الفقر يكون كفرًا. وقال الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري: إذا ذهب الفقر إلى بلد قال له الكفر خذني معك. إلى غير ذلك من الأحاديث في ذم الفقر.
أما حياة التقشف التي كان يحياها محمد وخلفاؤه فلا دلالة فيها على أن التقشف مطلوب لذاته، وإنما هو عمل بمبدأ مساواة الحاكم للرعية، إذ عليه أن يقيس نفسه بأضعف الأفراد، وليس له أن يشبع وفي رعاياه جائع. ويدل على هذه الحقيقة ما جاء في نهج البلاغة: قال العلاء بن زياد الحارثي للإمام علي، وكان من أصحابه. قال له:
يا أمير المؤمنين أشكو إليك أخي عاصمًا. قال: وما له؟ قال: لبس العباءة، وتخلى عن الدنيا. قال: عليّ به. فلما جاء قال: يا عدو نفسه لقد استهام بك الخبيث - أي الشيطان - أما رحمت أهلك وولدك؟! أترى اللّه أحل لك الطيبات، وهو يكره أن تأخذها؟! أنت أهون على اللّه من ذلك قال: يا أمير المؤمنين هذا أنت في خشونة ملبسك، وجشوبة مأكلك. قال: ويحك إني لست كأنت. إن اللّه فرض على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيغ بالفقير فقره، أي يهيج به ألم الفقر فيهلكه.
وبالتالي، فإن معنى الزهد في نظر الإسلام أن لا تطغى عند الإنسان النزعة المادية على النزعة الروحية، والجانب الدنيوي على الجانب الأخروي، كما صرحت الآية 77 من سورة القصص: «وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ، وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا» وكما قال الإمام علي: اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا ، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا.
وقد احتفظ المسلمون بهذه الروح في عهد الرسول وعهد أبي بكر وعمر، حتى قام الخليفة الثالث عثمان بن عفان فضعفت الروح الإسلامية عند جماعة من الأصحاب، وكثير غيرهم، حيث تغلّب عليهم حب المجد والمال، فكنزوا الذهب والفضة، وشيدوا الدور والقصور، واقتنوا العقارات والجواري والعبيد. وقابل المؤمنون الصادقون هذا التحول بالثورة والاستياء، كما حدث للصحابي الجليل أبي ذر الغفاري مع عثمان ومعاوية. ووجدت فئة من المسلمين تدعو إلى احتذاء الرسول، والاقتداء به وبالصالحين من أصحابه، وكان وجود هذه الفئة ردة فعل لإشاعة الترف والبذخ في عهد الأمويين والعباسيين. ولم تتعد في دعوتها تعاليم القرآن والسنة النبوية، ولكن هذه الفكرة، فكرة الزهد والاعتدال تطورت بمرور الزمن، ودخلت في أدوار عديدة، حتى أطلق فيما بعد على أصحابها اسم المتصوفة، وقد اشتهروا بهذا الاسم قبل المئتين من الهجرة.
الدكتور محمد حسين علي الصغير
الشيخ محمد جواد مغنية
حيدر حب الله
عدنان الحاجي
الشيخ جعفر السبحاني
السيد جعفر مرتضى
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ محمد مهدي الآصفي
السيد عادل العلوي
الفيض الكاشاني
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
جاسم الصحيح
حبيب المعاتيق
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
الشيخ عبد الحميد المرهون
ناجي حرابة
عبدالله طاهر المعيبد
أَعَزَّ اصطباري وأجرى دموعي
شذرات تفسيرية من سورة الفاتحة
الزهد في نظر الإسلام
العلم والدين، تصحيح المفاهيم وإعادة بناء اللغة
أهمية عدم السرعة في تناول الطعام
البقيع.. قطعة من الجنّة
(بهاء) الرّواية الأولى للكاتب قاسم خزعل
صیانة الآثار الإسلامیة وتعظیم الشعائر
القصّاصون يثقّفون النّاس رسميًّا (1)
قواعد ذهبية في استثمار الوقت