مقالات

مكانة التوكّل في التمهيد للظهور

الشيخ محسن قراءتي

 

إنّ إحدى المشكلات العقديّة في موضوع التمهيد للظهور هي الفهم الخاطئ لمسألة التوكّل.

 

صحيح أنّ الإسلام يقدّم الله تعالى على أنّه المتّكل للإنسان، فمن جهة لا حدّ لقدرته [تعالى]، وهو القادر على كلّ شيء، ومنشأ كلّ قدرة، ومن جهة أخرى هو أرحم الراحمين، وجميع الصفات التي لا ينبغي أن يعتريها تزلزل في المتوكّل عليه لا توجد في أحد سواه؛ لكن، لا بدّ من أن نعلم أنّ التوكّل ليس في مقابل الجهد والسعي حتّى يأتي السؤال: أنسعى أم نتوكّل؟

 

التوكّل يعني أن يمضي الإنسان في طريق الحقّ ويعمل بمقتضاه، متّكلاً على الله في ذلك، فإنّه تعالى الحامي والمدافع عن الذين يدافعون عن الحقّ و[ينصرونه]. التوكّل ضمانة إلهيّة لمن كان دائماً نصيراً وداعماً للحقّ، وقد بنى الله العالم على الدفاع عن الذين يقفون دائماً إلى جانب الحقّ ويدافعون عنه. الحقّ مقرون دائماً بالتأييد المعنويّ.

 

أساساً، إنّ القعود عن العمل والمسير لا يحتاج إلى ضمانة، والسكون والتوقّف لا يحتاجان إلى تأييد، إنّما يُحتاج إلى التوكّل عند الألم والمشقّات التي تعترض المسير، والتي تضعف الإرادة وتوهن العزيمة. رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوماً لا يزرعون، قال: ما أنتم؟ قالوا: نحن المتوكّلون. قال: «لا، بل أنتم المتّكلون» !

 

إذاً، ليس معنى التوكّل الخضوع أمام الأحداث، بل أن يستثمر الإنسان كلّ طاقته وقوّته، على أن يعلم في الوقت عينه أنّه ليس لديه شيء من نفسه، وأنّ الذين لا يمتثلون أمر الله ويغفلون عن الأخذ بالأسباب الماديّة والمعنويّة لن يكونوا مشمولين بالمدد الإلهيّ أبداً.

 

وعليه، ليس ثمّة علاقة بين التوكّل وعدم التّمهيد للظهور، بل على العكس، لا بدّ من العمل والسعي من أجل ذلك، غاية الأمر أنّه لا ينبغي لنا أن نغترّ بأعمالنا، كما لا ينبغي لنا أن نتذرّع بالتوكّل للتوقّف عن السعي.

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد