من التاريخ

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد جعفر مرتضى
عن الكاتب :
عالم ومؤرخ شيعي .. مدير المركز الإسلامي للدراسات

لماذا لم تتزوج فاطمة المعصومة بنت الامام الكاظم؟

قد ذكر اليعقوبي : أن السبب في عدم زواج بنات الإمام الكاظم [عليه السلام] ، هو أن الإمام [عليه السلام] نفسه قد أوصى ألا تتزوج بناته ، فلم تتزوج إلا واحدة منهن ، هي أم سلمة ، فإنها تزوجت القاسم بن محمد بن جعفر بمصر ، فجرى في هذا بينه وبين أهله شيء شديد حتى حلف أنه ما كشف لها كنفاً قط ، وإنما تزوجها ليحج بها 1 .

ولكن الظاهر هو وقوع اليعقوبي في الغلط والاشتباه ، فإن الإمام [عليه السلام] ، كما رواه الكليني ، لم يوص بعدم تزويج بناته أصلاً ، بل أوصى بأن يكون أمر زواج جميع بناته بيد الإمام الرضا [عليه السلام] ، فإنه أعرف بمناكح قومه 2 .

وفي وصية أخرى له [عليه السلام] ذكر أن من تتزوج من بناته ، فليس لها حظ من صدقة كان قد جعلها للمساكين من ولده ، فإن عادت بغير زوج ، فإنها تأخذ من تلك الصدقة أيضاً 3 .

 

ولعله لأجل أن زواجها يجعل نفقتها واجبة على زوجها ، فلا يحق لها والحالة هذه الأخذ من صدقة جعلت للفقراء والمساكين . .

كما أن الإمام الجواد [عليه السلام] قد أوقف عشر قرى في المدينة على أخواته وبناته اللاتي لم يتزوجن . وكان يرسل نصيب بنات الرضا [عليه السلام] من المدينة إلى قم 4 .

وبعدما تقدم نقول : لعل السبب في هذه الوصية ، هو التأكد من تزويجهن من أكفائهن ، كما ظهر من قوله [عليه السلام] : « فإنه أعرف بمناكح قومه » .

ولعله لو زوجهن بغير أكفائهن لأوجب ذلك متاعب كبيرة وخطيرة لهن وللأئمة [عليهم السلام] ، تكون المفسدة فيها ، أعظم من تأيمهن . .

 

مع احتمال أن تكون هناك أهداف سياسية من بعض الزيجات ، من بنات الأئمة ، حيث يحاول البعض أن يجعل ذلك ذريعة إلى أمور لا يصح تمكينه منها .

وقد حدثنا التاريخ : أن هارون الرشيد قد طالب الإمام [عليه السلام] بذلك ، فقال : فلم لا تزوج النسوان من بني عمومتهن وأكفائهن ؟! فاعتذر له [عليه السلام] بقصر ذات اليد 5 .

على أن من الواضح : أن ظروف الأئمة كانت صعبة للغاية . . ولم يكن هناك من يجرؤ على الاتصال بهم خصوصاً في أمر الزواج ، من غير الأقارب . وأبناء العم . . ولا سيما في زمن المنصور إلى زمان هارون الذي حصد شجرة النبوة ، واقتلع غرس الإمامة ، كما يقول الخوارزمي ، وذلك واضح . . .

ـــــــــــــــــــــ

1. تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 415 ط صادر بيروت .

2. الكافي ج 1 ص 316 وعيون أخبار الرضا ج 1 ص 33 .

3. عيون أخبار الرضا ج1 ص37 .

4. تاريخ قم ص 221 .

5. عيون أخبار الرضا ج 1 ص 88 .

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد