
نحن قررنا أن نكسب رؤية دقيقة عن الحياة وقواعدها قبل أن نكسبها عن العبادة والعبودية. فنحن بحاجة إلى كسب رؤية دقيقة وواضحة عن الدنيا قبل الدين. فإن حصلنا عليها سوف ننظر إلى الدين كمنقذ لا كمزعج ومزاحم. وعند ذلك سوف لا نمنّ على الله بالتزامنا ولا نغتر عندئذ بورعنا وتقوانا، كما سوف لا نفر من الدين وسوف نشعر بحماقة مخالفته.
لماذا عندما يتحدث الله سبحانه وتعالى عن الكفار في القرآن، يعتبرهم (سفهاء) (لا يعقلون)؟ نحن نعرف جيدًا أن ليس لهؤلاء الكفار طهارة القلب ونعرف أن لا إيمان لهم، ولكن بماذا أصبحوا لا يعقلون؟ وما هي الحقيقة التي لا يعقلونها؟ بالتأكيد إن إحدى الحقائق التي لا يعقلونها ولا يلتفتون إليها هي هذا الواقع والقواعد المحيطة بهم في هذه الدنيا.
كلما ألفيتم روحكم تفرّ من الأحكام الإلهية وتستصعبها، ارجعوا إلى الواقع وادرسوه بغض النظر عن الدين. إذ إن إدراك الواقع وكشف القوانين السائدة في عالم الوجود، ومعرفة السنن الإلهية الحاكمة على حياتنا، يمهدنا لقبول الدين والالتزام به واسمحوا لي أن أضيف هنا نقطة واحدة من السيء جدًّا، أن يكون الإنسان متدينًا بلا أن يدرك الواقع، فمثل هذا الإنسان يصبح متدينًا سيئاً.
ولا أقول إن معرفة الواقع أمر ضروري على من استصعب أحكام الدين وحسب، كلا، بل على جميع الناس أن ينظروا إلى الواقع ويكتشفوا قواعده السائدة في الحياة. كما أن أولياء الله هم أكثر اهتمامًا بهذا الأمر من عوام الناس.
وأساسًا إن تديّن امرء بلا أن يكون على معرفة بحقائق العالم وواقعه، قد يصبح عنصرًا خطرًا، وقد يصبح تدينه الأعمى هذا ضررًا على نفسه وعلى المجتمع، وسوف لا يقدر أحد على إصلاح ما أفسده. لقد رأيت في عمري هذا على الأقل جيلين من الأشخاص الذين كانوا أخيارًا في زمن من الأزمان ثم ساءت عاقبتهم. كان بعضهم ممن عاشرتهم عن قرب وحتى كان بعضهم في جبهة الدفاع المقدس. وهذا يحكي عن أن من أصبح خيّرًا ومتدينًا دون أن يعرف الواقع الذي يفرض عليه ذلك، ينحرف على الأكثر.
فلا تستغربوا من انحراف بعض هؤلاء الذين قضوا عمرهم في الصلاح وصلاة الليل والعبادة.... من هم أولئك الذين يتورطون بمثل هذه العواقب؟ هم أولئك الذين صلحوا وتدينوا جزافًا. ولكن لا يسمح الله باستمرار هذا النمط من الصلاح. فما إن يرى الله مجتمعًا قد صلح جزافًا واعتباطًا يمتحنهم بامتحان عسير ويسقط من لم يرتكز إيمانه على دعائم محكمة....
من أين تنطلق في حركتنا؟ إن نقطة الانطلاق هي أن تشاهد ضرورة مخالفة هواك في هويتك الإنسانية وكذلك تشاهدها في السنن الحاكمة في حياتك. هذا هو المنطلق.
لا ينبغي لمثلكم أن يخدع بالكلام الباطل، خاصة وقد بلغتكم تجربة تاريخ الإسلام في ألف وأربعمئة سنة وقد بلغتكم تجربة العالم البشري من بداية التاريخ ولحد الآن، كما في متناولكم تجربة الغرب، وبإمكانكم أن تتصفحوا أحداث العالم وتقفوا على تجاربه عبر الإنترنت. إن موقعنا ليس في أول التاريخ بل قد اقتربنا إلى نهاية التاريخ، فها هي تجربة البشر أمامنا تحدثنا عما وصل إليه العالم وهي تجارب مليئة بالمعلومات، فلا يمكن لأحد أن يخدعكم بسهولة.
هذه هي نقطة الانطلاق، وهي أن تعرف عالمك الذي تعيش فيه. وأهم خصائص هذا العالم هو أنه مشحون بالمعاناة وقد عزم على إزعاجك. فلا تسمح لأحد أن يلهيك بمعلومات هامشية لا تسمن ولا تغني من جوع، من قبيل مقدار المياه وعمق البحار وارتفاع الجبال وعدد النفوس. فلا تشغل وقتك في تعلم المعلومات التي لا فائدة لها، فإن أحد أوصاف المتقين في قول أمير المؤمنين (عليه السلام) هي أنهم: (وقفوا أسماعَهُم عَلَى العِلم النافع لَهُم) (نهج البلاغة، الخطبة 193). وأنا باعتقادي أن الإنسان ليس بحاجة إلى كثرة المعلومات، بل يحتاج إلى معلومات صائبة، بالإضافة إلى ترتيب المعلومات وتبويبها بشكل دقيق وأن يميّز بين الأصلية والفرعية منها.
لقد جاء الدين ليعلمك طريقة العناء، وجاء ليخفف مرارة الفقدان عليك. جاء الدين ليعلمك الكف عن الرغائب وجاء ليعلمك أسلوب تحمل الآلام. فهل أنت ممن يريد أن لا يتحمل شيئًا من هذه الصعاب في هذه الدنيا لكونك متدينًا؟! هذه هي نقطة عزيمتنا فإن انطلقنا من هذه النقطة، سوف نصل إلى النتيجة بسرعة، وكذلك سوف نعمل بديننا بشكل أسهل، كما سوف يصان ديننا بشكل أضبط، وإن شاء الله لن نتراجع عن ديننا إن سلكناه بهذا الأسلوب، إذ نكون على معرفة بكل ما سوف نواجهه في هذا الدرب فلا نفاجأ بشيء.
تعقّل الدّنيا قبل تعقّل الدّين
الشيخ علي رضا بناهيان
معنى (مال) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
القرآنُ مجموعٌ في عهد النبيِّ (ص)
الشيخ محمد صنقور
ما بعد فلسفة الدين…ميتافيزيقا بَعدية (2)
محمود حيدر
الحِلم سجيّةُ أولياء الله وزينتهم
الشيخ محمد مصباح يزدي
كيف تفهم أدمغتنا أفعال الآخرين وتصرفاتهم؟
عدنان الحاجي
(لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ)
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
التّوحيد والمحبّة
السيد عبد الحسين دستغيب
من هي السيدة فاطمة عليها السلام؟
الشيخ شفيق جرادي
كيف يخاف النبي موسى عليه السلام من اهتزاز العصا؟!
السيد جعفر مرتضى
السيدة الزهراء: حزن بامتداد النّبوّات
حسين حسن آل جامع
اطمئنان
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
تعقّل الدّنيا قبل تعقّل الدّين
معنى (مال) في القرآن الكريم
القرآنُ مجموعٌ في عهد النبيِّ (ص)
ما بعد فلسفة الدين…ميتافيزيقا بَعدية (2)
الحِلم سجيّةُ أولياء الله وزينتهم
(رحلة برفقة قلم) جديد الكاتب عبدالعزيز آل زايد
كيف تفهم أدمغتنا أفعال الآخرين وتصرفاتهم؟
(مداد في ظلال خراسان.. سيرة الشيخ إبراهيم بن مهدي آل عرفات القديحي القطيفي) جديد الشّيخ عبدالغني العرفات
الشباب والرجوع إلى الدين
غزو مكة