مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ محمد مصباح يزدي
عن الكاتب :
فيلسوف إسلامي شيعي، ولد في مدينة يزد في إيران عام 1935 م، كان عضو مجلس خبراء القيادة، وهو مؤسس مؤسسة الإمام الخميني للتعليم والبحث العلمي، له مؤلفات و كتب عدیدة فی الفلسفة الإسلامیة والإلهیات والأخلاق والعقیدة الإسلامیة، توفي في الأول من شهر يناير عام 2021 م.

أهميّة المداراة وخطورة المداهنة

إنّ البعض قد يشتبه عليهم الأمر بين "المداراة" و "المداهنة"!

 

فالمداهنة هي المصالحة مع المنحرفين والمخالفين للحق، والمداهن هو الذي يضعف أثناء بيان الحقائق وتبليغ دين الله بحيث أنّه إذا شاهد من الآخرين أيّ انحراف فهو يغضّ النظر عنه ولا يعترض.

 

وعن علي (عليه السلام) أنّه قال: "وَلَعَمْرِي مَا عَلَيَّ مِنْ قِتَالِ مَنْ خَالَفَ اَلْحَقَّ وَخَابَطَ اَلْغَيَّ مِنْ إِدْهَانٍ وَلاَ إِيهَانٍ".

 

وفي موضع آخر يشكو من المتقاعسين عن قول الحقّ والذين اختاروا طريق السلامة بقوله: "واِعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اَللَّهُ أَنَّكُمْ فِي زَمَانٍ اَلْقَائِلُ فِيهِ بِالْحَقِّ قَلِيلٌ، وَاَللِّسَانُ عَنِ اَلصِّدْقِ كَلِيلٌ، وَاَللاَّزِمُ لِلْحَقِّ ذَلِيلٌ، أَهْلُهُ مُعْتَكِفُونَ عَلَى اَلْعِصْيَانِ، مُصْطَلِحُونَ عَلَى اَلْإِدْهَانِ".

 

وهكذا، نلاحظ أنّه (عليه السلام) يذمّ أولئك الذين يصالحون من خالفوا الحقّ وقاموا ضدّه، ويعدّ المداهنة صفةً سيّئةً ومذمومةً وسبباً لانحطاط المجتمع وتهديم أركان عزّته وهيبته.

 

لهذا، لا ينبغي أن نخلط هذه الصفة المذمومة مع المداراة والليونة مع الأعداء التي تعني غضّ الطرف عن الحقوق الشخصيّة من أجل حفظ المصالح الاجتماعيّة وإحياء الدين، فهذه صفةٌ حسنةٌ وبنّاءة.

 

هناك في المجتمع من لا يبالي بما يجري حوله ولا يهتمّ بالأحداث والمشاكل التي تعترض الناس في دينهم وثقافتهم أو غيرها، فهؤلاء الفاقدون للشعور والذين يعيشون روحيّة الكسل والضعف والذلّة وحبّ الراحة ليس لهم همٌ سوى الراحة والرفاهيّة وعدم الاكتراث بمن سواهم.

 

وحين يأتي وقت الجهاد والتضحية يتنحّون جانباً طلباً للسلامة، ولا شكّ بأنّ هذ الفئة تبرّر فعلها هذا، لأنّ الإنسان لا يحبّ أن يعترف بأنّه شخص سيء أو أنّه ذو عمل سيء فيأتي بألف عذر لما يقوم به.

 

وعادةً هؤلاء يبرّرون مثل هذا القعود والتقاعس بالتأكيد على أهميّة مداراة الأعداء ونبذ العنف الذي لا يؤدّي إلى نتيجة، وأحياناً يتمسّكون بأحاديث تدلّ على أنّ طريق السعادة بالمداراة.

 

ولو انتشرت هذه الروحية في المجتمع وانعدم الجهاد، فلن يتحقّق أي تطوير أو إصلاح، وكما قلنا إنّ الليونة والضعف مقابل الحق هي المداهنة...

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد