علمٌ وفكر

علماء يكشفون النقاب عن الفولاذ الثوري المقاوم للصدأ

ترجمة: محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

 

حقق فريق برئاسة البروفيسور مينغكسين هوانغ من قسم الهندسة الميكانيكية بجامعة هونغ كونغ تقدمًا كبيرًا في مجال الفولاذ المقاوم للصدأ. ويركز هذا الابتكار الأخير على تطوير الفولاذ المقاوم للصدأ المصمم لتطبيقات الهيدروجين، والمعروف باسم “ستانلس ستيل – هيدروجين”.

 

ويعد هذا الإنجاز جزءًا من مشروع “الفولاذ الفائق” المستمر للبروفيسور هوانغ، والذي حقق سابقًا معالم بارزة مع إنشاء الفولاذ المقاوم للصدأ المضاد لكوفيد- 19 (COVID-19) في عام 2021 وتطوير الفولاذ الفائق القوة والصلابة للغاية في عامي 2017 و2020.

 

ويُظهر الفولاذ الجديد الذي طوره الفريق مقاومة عالية للتآكل، مما يتيح إمكانية تطبيقه لإنتاج الهيدروجين الأخضر من مياه البحر، حيث لا يزال هناك حل مستدام جديد في طور الإعداد.

 

ويمكن مقارنة أداء الفولاذ الجديد في المحلل الكهربائي للمياه المالحة بالممارسات الصناعية الحالية التي تستخدم التيتانيوم كأجزاء هيكلية لإنتاج الهيدروجين من مياه البحر المحلاة أو [من] الحمض، في حين أن تكلفة الفولاذ الجديد أرخص بكثير.

 

وقد تم نشر هذا الاكتشاف في مجلة “المواد اليوم” (Materials Today). وتتقدم الإنجازات البحثية حاليًّا بطلب للحصول على براءات اختراع في العديد من البلدان، وقد تم بالفعل منح ترخيص لاثنتين منها.

 

ثورة في مقاومة التآكل

 

منذ اكتشافه قبل قرن من الزمان، كان الفولاذ المقاوم للصدأ دائمًا مادة مهمة تستخدم على نطاق واسع في البيئات المسببة للتآكل. ويعد الكروم عنصرًا أساسيًّا في تحديد مقاومة التآكل للفولاذ المقاوم للصدأ.

 

ويتم إنشاء الفيلم السلبي [طبقة رقيقة] من خلال أكسدة الكروم (Cr) و[الذي] يحمي الفولاذ المقاوم للصدأ في البيئات الطبيعية. ولسوء الحظ، فإن آلية التخميل الفردي التقليدية القائمة على الكروم قد أوقفت المزيد من التقدم في الفولاذ المقاوم للصدأ.

 

ونظرًا لمزيد من أكسدة أكسيد الكروم (Cr2O3) [ويسمى ايضًا ثالث أكسيد ثنائي كروم] المستقر إلى أنواع من الكروم السداسي التكافؤ (Cr(VI)) قابلة للذوبان، يحدث التآكل العابر للسلبي (tranpassive corrosion) حتمًا في الفولاذ المقاوم للصدأ التقليدي عند ~ 1000 مللي فولت (قطب الكالوميل المشبع، (Saturated Calomet Electrode – SCE)، وهو أقل من الإمكانات المطلوبة لأكسدة الماء عند ~ 1600 مللي فولت.

 

فعلى سبيل المثال، يعد الفولاذ المقاوم للصدأ الفائق “اس ام او 254” [254 SMO[1]] معيارًا بين السبائك المضادة للتآكل القائمة على الكروم ويتمتع بمقاومة فائقة للتنقر (pitting) في مياه البحر؛ ومع ذلك، فإن التآكل العابر يحد من تطبيقه عند الإمكانات الأعلى.

 

وباستخدام استراتيجية “التخميل المزدوج المتسلسل”، قام فريق بحث البروفيسور هوانغ بتطوير “ستانلس ستيل – هيدروجين” الجديد ذي المقاومة الفائقة للتآكل. وبالإضافة إلى الطبقة المنفعلة القائمة على ثالث أكسيد ثنائي كروم، تتشكل طبقة ثانوية قائمة على المنغنيز على الطبقة السابقة القائمة على الكروم عند 720 مللي فولت تقريبًا.

 

وتمنع آلية التخميل المزدوج التسلسلي “ستانلس ستيل – هيدروجين” من التآكل في وسط الكلوريد إلى إمكانات عالية جدًا تبلغ 1700 مللي فولت. يُظهر “ستانلس ستيل – هيدروجين” اختراقًا أساسيًّا مقارنة بالفولاذ المقاوم للصدأ التقليدي.

 

اكتشاف غير متوقع والتطبيقات المحتملة

 

قال الدكتور كايبينغ يو، المؤلف الأول للمقالة، والذي أشرف عليه البروفيسور هوانغ في درجة الدكتوراه: “في البداية، لم نصدق ذلك لأن الرأي السائد هو أن المنغنيز يضعف مقاومة التآكل للفولاذ المقاوم للصدأ. يعد التخميل المعتمد على المنغنيز اكتشافًا غير بديهي، ولا يمكن تفسيره بالمعرفة الحالية في علم التآكل. ومع ذلك، عندما تم تقديم العديد من النتائج على المستوى الذري، اقتنعنا. وفوق كوننا متفاجئين، لا يمكننا الانتظار لاستغلال هذه الآلية”.

 

وقد كرس الفريق ما يقرب من ست سنوات للعمل منذ الاكتشاف الأولي للفولاذ المقاوم للصدأ المبتكر وحتى تحقيق اختراق في الفهم العلمي، والتحضير في نهاية المطاف للنشر الرسمي وتطبيقه الصناعي.

 

“بخلاف مجتمع التآكل الحالي، والذي يركز بشكل أساسي على المقاومة عند الإمكانات الطبيعية، فإننا متخصصون في تطوير سبائك ذات مقاومة عالية. تغلبت استراتيجيتنا على القيود الأساسية للفولاذ المقاوم للصدأ التقليدي وأنشأت نموذجًا لتطوير السبائك المطبقة بإمكانات عالية. وهذا الاختراق مثير ويجلب تطبيقات جديدة”، قال البروفيسور هوانغ.

 

وفي الوقت الحاضر، بالنسبة للمحللات الكهربائية للمياه في مياه البحر المحلاة أو المحاليل الحمضية، يلزم وجود التيتانيوم باهظ الثمن مطلي بالذهب والبلاتين للمكونات الهيكلية. فعلى سبيل المثال، تبلغ التكلفة الإجمالية لنظام خزان التحليل الكهربائي لغشاء تبادل البروتونات (Proton Exchange Membrane (PEM)) بقدرة 10 ميجاوات في مرحلته الحالية حوالي 17.8 مليون دولار هونج كونج، وتساهم المكونات الهيكلية بما يصل إلى 53% من التكلفة الإجمالية. إن التقدم الذي حققه فريق البروفيسور هوانغ يجعل من الممكن استبدال هذه المكونات الهيكلية باهظة الثمن بفولاذ أكثر اقتصادًا. وكما هو مقدر، من المتوقع أن يؤدي استخدام “ستانلس ستيل – الهيدروجين” إلى خفض تكلفة المواد الإنشائية بنحو 40 مرة، مما يدل على تقدم كبير في التطبيقات الصناعية.

 

وأضاف البروفيسور هوانغ: “من المواد التجريبية إلى المنتجات الحقيقية، مثل الشبكات والرغاوي، الخاصة بالمحللات الكهربائية للمياه، لا تزال هناك مهام صعبة في متناول اليد. حاليًّا، لقد خطونا خطوة كبيرة نحو التصنيع. تم إنتاج أطنان من الأسلاك المعتمدة على “ستانلس ستسيل – الهيدروجين” بالتعاون مع مصنع من “مين لاند”. إننا نمضي قدمًا في تطبيق ستانلس ستسيل – هيدروجين الأكثر اقتصاديًّا في إنتاج الهيدروجين من مصادر متجددة”.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر

https://scitechdaily.com/cannot-be-explained-scientists-unveil-revolutionary-ss-h2-steel/

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد