قال في روح المعاني، في قوله تعالى: (وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ) قيل: أي وما كان في علم الله تعالى ذلك، واعترض - بناء على أنّه يفهم من السياق العلّيّة - بأنّ علمه تعالى ليس علّة لعدم إيمانهم لأنّ العلم تابع للمعلوم لا بالعكس.
وردّ بأنّ معنى كون علمه تعالى تابعاً للمعلوم أنّ علمه سبحانه في الأزل بمعلوم معيّن حادث تابع لماهيّته بمعنى أنّ خصوصيّة العلم وامتيازه عن سائر العلوم باعتبار أنّه علم بهذه الماهية، وأمّا وجود الماهيّة فيما لا يزال فتابع لعلمه تعالى الأزليّ التابع لماهيّته بمعنى أنّه تعالى لما علمها في الأزل على هذه الخصوصيّة لزم أن يتحقّق ويوجد فيما لا يزال كذلك فنفس موتهم على الكفر وعدم إيمانهم متبوع لعلمه الأزليّ ووقوعه تابع له. انتهى.
وهذه حجّة كثيرة الورود في كلام المجبّرة وخاصّة الإمام الرازيّ في تفسيره الكبير يستدلّون بها على إثبات الجبر ونفي الاختيار ومحصّلها أنّ الحوادث ومنها أفعال الإنسان معلومة لله سبحانه في الأزل فهي ضروريّة الوقوع وإلّا كان علمه جهلاً - تعالى عن ذلك - فالإنسان مجبر عليها غير مختار.
واعترض عليه بأنّ العلم تابع للمعلوم لا بالعكس و أجيب بما ذكره من أنّ علمه في الأزل تابع لماهيّة المعلوم لكنّ المعلوم تابع في وجوده للعلم.
والحجّة مضافاً إلى فساد مقدّماتها بناء ومبني مغالطة بيّنة، ففيها أوّلاً أنّ فرض ثبوت ما للماهيّة في الأزل وجودها فيها لا يزال يقضي بتقدّم الماهيّة على الوجود وأنّى للماهيّة هذه الأصالة والتقدّم؟.
وثانياً: أنّ مبنيّ الحجّة وكذا الاعتراض والجواب على كون علمه تعالى بالأشياء علماً حصوليّاً نظير علومنا الحصوليّة المتعلّقة بالمفاهيم وقد اُقيم البرهان في محلّه على بطلانه وأنّ الأشياء معلومة له تعالى علماً حضوريّاً وعلمه علمان: علم حضوريّ بالأشياء قبل الإيجاد وهو عين الذات وعلم حضوريّ بها بعد الإيجاد وهو عين وجود الأشياء...
وثالثاً: أنّ العلم الأزليّ بمعلومه فيما لا يزال إنّما يكون علماً بحقيقة معنى العلم إذا تعلّق به على ما هو عليه، أي بجميع قيوده ومشخّصاته وخصوصيّاته الوجوديّة، ومن خصوصيّات وجود الفعل أنّه حركات خاصّة إراديّة اختياريّة صادرة عن فاعله الخاصّ، مخالفة لسائر الحركات الاضطراريّة القائمة بوجوده.
وإذا كان كذلك كانت الضرورة اللّاحقة للفعل من جهة تعلّق العلم به صفة للفعل الخاصّ الاختياريّ بما هو فعل خاصّ اختياريّ، لا صفة للفعل المطلق إذ لا وجود له، أي كان من الواجب أن يصدر الفعل عن إرادة فاعله واختياره، وإلّا تخلّف المعلوم عن العلم، لا أن يتعلّق العلم بالفعل الاختياريّ، ثمّ يدفع صفة الاختيار عن متعلّقه، ويقيم مقامها صفة الضرورة والإجبار.
فقد وضع في الحجّة الفعل المطلق مكان الفعل الخاصّ، فعدّ ضروريّاً مع أنّ الضروريّ تحقّق الفعل بوصف الاختيار نظير الممكن بالذات الواجب بالغير، ففي الحجّة مغالطة بالخلط بين الفعل المطلق والفعل المقيّد بالاختيار.
ومن هنا يتبيّن عدم استقامة تعليل ضرورة عدم إيمانهم بتعلّق العلم الأزليّ به، فإنّ تعلّق العلم الأزليّ بفعل إنّما يوجب ضرورة وقوعه بالوصف الّذي هو عليه، فإن كان اختياريّاً وجب تحقّقه اختياريّاً، وإن كان غير اختياريّ وجب تحقّقه كذلك.
على أنّه لو كان معنى قوله: (وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ) امتناع إيمانهم لتعلّق العلم الأزليّ بعدمه، لاتّخذوه حجّة على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وعدّوه عذراً لأنفسهم في استنكافهم عن الإيمان كما اعترف به بعض المجبّرة.
الشيخ محمد الريشهري
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ مرتضى الباشا
عدنان الحاجي
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ محمد مهدي الآصفي
الدكتور محمد حسين علي الصغير
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
لقمان الحكيم (2)
خطورة ذياع صيت الإنسان بين الناس واشتهاره بينهم
احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ
هل الكون كسوريّ؟
الشيخ عبد الكريم الحبيل: القلب السليم في القرآن الكريم (10)
الشيخ عبد الجليل البن سعد: الذنب عقدة تحلها التوبة
السيد حسن النمر : من يحبهم الله ومن لا يحبهم (4)
المعرض الفنيّ الشّخصيّ السّادس لحسين السماعيل
لقمان الحكيم (1)
خطأ التفسير الميكانيكي للكون وقرود شكسبير