علمٌ وفكر

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد محمد باقر الصدر
عن الكاتب :
ولد في مدينة الكاظمية المقدسة في الخامس والعشرين من ذي القعدة سنة 1353 هـ، تعلم القراءة والكتابة وتلقى جانباً من الدراسة في مدارس منتدى النشر الابتدائية، في مدينة الكاظمية المقدسة وهو صغير السن وكان موضع إعجاب الأساتذة والطلاب لشدة ذكائه ونبوغه المبكر، ولهذا درس أكثر كتب السطوح العالية دون أستاذ.rnبدأ بدراسة المنطق وهو في سن الحادية عشرة من عمره، وفي نفس الفترة كتب رسالة في المنطق، وكانت له بعض الإشكالات على الكتب المنطقية. بداية الثانية عشرة من عمره بدأ بدراسة كتاب معالم الأصول عند أخيه السيد إسماعيل الصدر، سنة 1365 هـ هاجر إلى النجف الاشرف، لإكمال دراسته، وتتلمذ عند آية الله الشيخ محمد رضا آل ياسين وآية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي. أنهى دراسته الفقهية عام 1379 هـ والأصولية عام 1378 هـ عند آية الله السيد الخوئي.rnمن مؤلفاته: فدك في التاريخ، دروس في علم الأصول، نشأة التشيع والشيعة، فلسفتنا، اقتصادنا وغير ذلك.

المادة والحركة

المادة في حركة مستمرة وتطور دائم، وهذه حقيقة متفق عليها بيننا جميعًا، والحركة تحتاج إلى سبب محرك لها. وهذه حقيقة أخرى مسلمة بلا جدال. والمسألة الأساسية في فلسفة الحركة، هي أن المادة المتحركة، هل يمكن أن تكون هي علة للحركة وسببًا لها؟ وفي صيغة أخرى إن المتحرك موضوع الحركة، والمحرك سبب الحركة، فهل يمكن أن يكون الشيء الواحد، من الناحية الواحدة، موضوعًا للحركة وسببًا لها في وقت واحد؟.

 

والفلسفة الميتافيزيقية تجيب على ذلك، مؤكدة أن من الضروري تعدّد المتحرك والمحرك، لأن الحركة تطور وتكامل تدريجي للشيء الناقص، ولا يمكن للشيء الناقص أن يطور نفسه، ويكمل وجوده تدريجيًّا بصورة ذاتية، فإن الناقص لا يكون سببًا في الكمال. وعلى هذا الأساس وضعت في المفهوم الفلسفي للحركة قاعدة ثنائية بين المحرك والمتحرك، وفي ضوء هذه القاعدة نستطيع أن نعرف، أن سبب الحركة التطورية للمادة في صميمها وجوهرها، ليس هو المادة ذاتها، بل مبدأ وراء المادة، يمدها بالتطور الدائم، ويفيض عليها الحركة الصاعدة والتكامل المتدرج.

 

وعلى العكس من ذلك المادية الديالكتيكية، فإنها لا تعترف بالثنائية بين المادة المتحركة وسبب الحركة، بل تعتبر المادة نفسها سببًا لحركتها وتطورها.

 

فللحركة - إذن - تفسيران:

 

أما التفسير الديالكتيكي، الذي يعتبر المادة نفسها سببًا للحركة، فالمادة فيه هي الرصيد الأعمق للتطور المتكامل. وقد فرض هذا على الديالكتيك القول، بأن المادة منطوية ذاتيًّا على الأطوار والكمالات، التي تحققها الحركة في سيرها المتجدد، والسر في اضطرار الديالكتيك إلى هذا القول، هو تبرير التفسير المادي للحركة، لأن سبب الحركة ورصيدها، لا بد أن يكون محتويًا ذاتيًّا على ما يموّن الحركة ويمدّها به، من أطوار وتكاملات، وحيث أن المادة عند الديالكتيك، هي السبب الممون لحركتها، والدافع بها في مجال التطور... كان لزامًا على الديالكتيك أن يعترف للمادة بخصائص الأسباب والعلل، ويعتبرها محتوية ذاتيًّا على جميع النقائض التي تتدرج الحركة في تحقيقها، لتصلح أن تكون منبثقًا للتكامل وممونًا أساسيًّا للحركة. وهكذا اعترف بالتناقض كنتيجة حتمية لتسلسله الفلسفي، فنبذ مبدأ عدم التناقض، وزعم أن المتناقضات مجتمعة دائمًا في محتوى المادة الداخلي، وأن المادة بهذه الثروة المحتواة تكون سببًا للحركة والتكامل.

 

وأما التفسير الإلهي للحركة، فيبدأ مستفهمًا عن تلك المتناقضات، التي يزعم الديالكتيك احتواء المادة عليها، فهل هي موجودة في المادة جميعًا بالفعل، أو أنها موجودة بالقوة؟ ثم يستبعد الجواب الأول نهائيًّا، لأن المتناقضات لا يمكن لها - بحكم مبدأ عدم التناقض - أن تجتمع بالفعل، ولو اجتمعت بالفعل لجمدت المادة وسكنت. ويبقى بعد ذلك الجواب الثاني، وهو أن تلك النقائض موجودة بالقوة، ومعنى وجودها بالقوة أن المادة فيها استعداد لتقبل التطورات المتدرجة، وإمكانية للتكامل الصاعد بالحركة. وهذا يعني أنها فارغة في محتواها الداخلي عن كل شيء، سوى القابلية والاستعداد. والحركة في هذا الضوء خروج تدريجي من القابلية إلى الفعلية، في مجال التطور المستمر، وليست المادة هي العلة الدافعة لها، لأنها خالية من درجات التكامل، التي تحققها أشواط التطور والحركة، ولا تحمل إلا إمكانها واستعدادها. فلا بد - إذن - من التفتيش عن سبب الحركة الجوهرية للمادة، وممونها الأساسي خارج حدودها، ولا بد أن يكون هذا السبب هو الله تعالى، الحاوي ذاتيًّا على جميع مراتب الكمال.

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد