المترجم: عدنان أحمد الحاجي
الغضب سيل من الانفعالات كسيل الماء في خرطوم الحديقة - فوائد معرفة إدارة الغضب في العمل
قد نواجه بعض الأحيان صعوبات في التعامل مع الشعور بالغضب (1) في العمل. يخشى الموظفون من فورة غضب المشرفين المتعسفين، ويكتمون غضبهم للحفاظ على مظهر من مظاهر الاحترافية والمهنية، أو ينفّسون عن شعور غضبهم باستهداف زملاء عملهم سواء أكان ذلك مقبولًا أم لم يكن. فد تكون ردة الفعل تجاه الشعور بالغضب في مكان العمل ردة فعل قوية، لكنها ليست مؤثرة دائمًا.
وباعتبارنا باحثين قد نقع أيضًا فريسة لشراك الغضب، حيث إننا مفتونون بدراسة الغضب (2). لقد قمنا بدراسة الأسباب والعمليات الأساسية والتبعات المترتبة على الشعور بالغضب من وجهات نظر علوم الإدارة (3) والنفس (4) والتسويق (5) والمفاوضات (6).
لقد قمنا مؤخرًا بمراجعة (7) أكثر من 400 ورقة بحثية في مجالات علم النفس والأعمال ومجالات أخرى ذات صلة تناولت مواضيع تراوحت من نشاط الدماغ إلى التفاوض والعلاقات الاجتماعية بين السكان من مختلف الأعراق (8). وبالرغم من انتشار الشعور بالغضب في أماكن العمل وعقود من دراسات تناولت الغضب في عدد من المجالات، فإننا لم نجد طريقة مباشرة لفهم تعقيد دورة الغضب (9، 10) وإدارة هذه الدورة بأكبر قدر من الفعالية.
ولكن عندما تعمّقنا أكثر في الأدبيات البحثية، أدركنا أن مجرد إعادة صياغة طريقة تفكيرنا في الغضب يمكن أن تزودنا بإطار جديد ومرن للتعامل مع الشعور بالغضب في حياتنا اليومية. اقتراحنا: اعتبر الغضب تدفقًا للانفعالات، كما يتدفق الماء في خرطوم الحديقة.
باعتبار الغضب تدفقَ انفعالات، يمكننا تفكيك أبعاده الرئيسة: مساره ووحدته. فهم ما إذا كان الخرطوم موجهًا بشكل فعال وما إذا كانت قوة التدفق مناسبة يعدّان أمرًا بالغ الأهمية لمعرفة متى وكيف ولماذا نركز أو نعيد توجيه الغضب ونضخم من حدته أو نحد منها.
اتجاه الغضب
تخيل أن زميلك في العمل اقتحم عليك المكتب وبدأ بالصراخ، وكان تنفّسه سريعًا ووجهه محمرًّا، ومنتفخ الأوداج حتى لو كنت مجرد زميل في العمل ولم تكن على علم بما يحدث وكان بابك مفتوحًا، فمن المؤكد أن انتباهك الآن منصب على زميل عملك.
هل كنت هدفًا ليصب جام غضبه بسبب شيء فعلته، أم كنت مجرد حاضرًا حين كان يصب جام غضبه على شخص آخر؟
إذا كنت غير مستوجب لاستهدافه إياك بالغضب، فهل تحاول إعادة صياغة المشكلة بحيث يدرك هذا الشخص الغاضب أن من الأفضل له أن يوجّه غضبه إلى مكان أو شخص آخر قد يكون مستوجبًا له؟
فلو كنت حاضرًا شاهدًا على الحدث، فلديك أيضًا خيار تجاهل غضب زميلك أو مساعدته في إعادة توجيهه إلى منفذ أكثر تأثيرًا ينفّس فيه عن غضبه. بإمكانك ببساطة الاستماع بتعاطف وهو ينفس عن غضبه، وربما أفدته بالمخاطر والفوائد المترتبة على التقدم بشكواه إلى مشرف العمل.
بهذا فأنت تقرر، في الواقع، ما الاقتراحات التي ينبغي لك تقديمها لتوجيه غضب هذا الشخص. مفتاح إدارة توجيه الغضب بشكل مؤثر هو إدارة انتباهه. إعادة تأطير الطريقة التي يلقي بها الشخص الغاضب باللوم، على سبيل المثال، يمكن أن يساعده على تبني وجهة نظر شخص آخر (أي محاولة تفهم وجهة نظر شخص آخر) (11، 12) أو فهم الموقف بطريقة جديدة (13)، وتوجيه تدفق الغضب بشكل أكثر نفعًا.
حدة الغضب
عندما يقترب منك زميل غاضب باعتبارك هدفًا لغضبه، هل تتجاهل هذه الأمارة أم تقترح عليه العمل معه حتى لا تتكرر أمثال هذه الحالة في المستقبل؟ كلا الطريقتين تخففان من حدة الغضب الموجه إليك.
عندما تغضب، هل تحاول صرف انتباهك عن هذا الغضب، أو تتركه يهدأ (14)، أو تحاول أن تعرف الأسباب المثيرة له (15)؟ في الأساس، أنت من يقرر كيف ترغب في إدارة حدة شعورك بغضبك.
ومن المهم أن ندرك أن إدارة حدة الغضب يمكن أن تسير في كلا الاتجاهين. في بعض الأحيان ينبغي الحد من الغضب الحاد، وفي بعض الأحيان يجب تضخيم الغضب الخفي.
على سبيل المثال، خذ مثلًا حالة تشعر فيها بالغضب بسبب ما تراه تغييرًا غير منصف في سياسة الشركة. في هذه الحالة، مجرد الخروج للتنزه مشيًا خارج المبنى لتتجنب التعبير عن إحباطك قد يؤدي إلى عدم إدراك إدارة الشركة أنك وزملاء آخرون تشعرون بالإحباط.
معرفة طريقة تنظيم أفكارك وسلوكياتك بشكل ذاتي (16، 17) يمكن أن يساعدك في إدارة حدة أي غضب تجد نفسك تشعر به. بدلاً من الاندفاع في رد فعل متهور بسبب ذلك الغضب، بإمكانك التدرب على التحكم في مشاعرك (18) حتى تتمكن من التحكم في حالة لو رغبت في التمادي في غضبك أو الحد منه. وجانب من هذه العملية هو التفكير بعناية في مقايضة التكلفة والفائدة المترتبة على التعبير عن غضبك. بهاتين الطريقتين (19)، يمكنك إدارة قوة تدفق سيل الغضب بشكل أكثر فعالية دون الحاجة إلى إيقافه بلا داعٍ.
السيطرة على الغضب
معرفة متى وكيف ولماذا نحدد اتجاه وحدة الغضب ليس بالأمر الهيّن. ويستند جزء من هذا القرار على الحالة. على سبيل المثال، هل من السليم أن أتدخل لإدارة الغضب؟ هل تحس أن لديك المهارة الشخصية للتدخل؟ لكن بإمكان كل شخص أن يتعلم كيف يقوم بإدارة غضبه وغضب الآخرين بشكل أكثر فعالية (20).
وللقيام بذلك، يتعين عليك فهم دورك وما إذا كان تدفق الغضب عبارة عن حالة عابرة أو مشكلة مزمنة. فهم ما إذا كنت تمسك بخرطوم سيل الغضب أو تقف في طريقه أو تراقبه من مسافة بعيدة هو الخطوة الأولى لإدارة اتجاه تدفق الغضب وحدته بشكل مؤثر.
الأمر الثاني هو اتخاذ القرار بشأن ما إذا كان يجب التدخل وكيفية هذا التدخل: هل يمكنك إعادة صياغة مثيرات الغضب الأولية بحيث لا يّثار أبدًا، أو تكون قوة إثارته بصورة أو أخرى أقل حدة؟ إذا كانت حدة الغضب قوية جدًّا ولا يمكنك تجنّبه أو لا ترغب في ذلك، فهل يمكنك مساعدة الشخص الغاضب في تنظيم اتجاه غضبه والحد منه للتغلب على المشكلة بطريقة ما؟
بإمكانك تحسين قدرتك على التحكم في تدفق سيل الغضب بطرق يمكنها تحسين العلاقات الاجتماعية مع الآخرين وتقليل المشكلات الصحية الناجمة عنه (21) وليس الإضرار بهذه العلاقات أو مفاقمة المشكلات الصحية (22). نتائج هذه الدراسة تدعم عملك على تحسين ذكائك العاطفي وترفع من ثقتك بقدرتك على التعامل مع الغضب. إدارة العوامل التي تحاول انتزاع سيطرتك على خرطوم الغضب منك، بما في تلك العوامل الاتقائية (تجنب انتقاد الآخرين)، أو الشعور بالخجل، أو حتى المعاناة من قلة النوم.
اتخاذ هذه الخطوات وممارسة التحكم في مسار خرطوم الغضب وحدّة سيله، يمكن أن يساعد في معالجة المشكلات في الأمد القصير، ومنع الغضب من أن يصبح حالة مدمرة في الأمد الطويل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- https://ar.wikipedia.org/wiki/غضب
2- https://scholar.google.com/citations?user=vqDt6QoAAAAJ&hl=en&oi=ao
3- https://journals.aom.org/doi/abs/10.5465/annals.2022.0160?journalCode=annals
4- https://psycnet.apa.org/doiLanding?doi=10.1037/apl0000458
5- https://journals.sagepub.com/doi/10.1177/1094670519838623
6- https://www.emerald.com/insight/content/doi/10.1108/ijcma-01-2019-0016/full/html
7- http://https://journals.aom.org/doi/abs/10.5465/annals.2022.0160?journalCode=annals
8- http://https://en.wikipedia.org/wiki/Race_relations
9- "اثارة دورة الغضب تنطوي على خمس مراحل: الإثارة عندما يتسبب حدث ما في بدء دورة الغضب. ندخل في جدال أو نتلقى بعض المعلومات الصادمة. نشعر بالتهديد في مرحلة ما ويستعد جهازنا الفسيولوجي لمواجهة هذا التهديد. تتبع هذه المرحلة مرحلة التصعيد، وهي عندما يستعد جسمنا للأزمة بزيادة التنفس (التنفس السريع) وارتفاع معدل دقات القلب وارتفاع ضغط الدم، وتوتر العضلات، استعدادًا بالقيام بأي رد فعل، وقد يرتفع الصوت أو تتغير نبرته، وقد يتغير شكل العينين، وتتسع حدقة العين وينخفض الحاجبان. لاحظ هذه العلامات عندما تشعر بالغضب مستقبلًا. قد يتغير وضع جسمك أيضًا. والمرحلة الثالثة هي مرحلة الأزمة، وهي عندما تتدخل غريزة البقاء على الحياة، وهي الاستجابة للكر أو الفر. جسمنا مستعد لاتخاذ الإجراء اللازم. لسوء الحظ، خلال هذه المرحلة تنخفض جودة حكمنا أو رأينا أو قرارنا وقد نتخذ قرارات دون الاستفادة من أفضل قدرتنا على التفكير والتعقل. والمرحلة الرابعة تتمثل في مرحلة التعافي بعد اتخاذ بعض الإجراءات أثناء مرحلة الأزمة. يبدأ الجسم بالتعافي من التوتر الشديد وبذل الطاقة. يخرج هرمون الأدرينالين من مجرى الدم تدريجيًّا. تعود جودة الحكم أو الرأي أو القرار عندما يحل التعقل مكان استجابة البقاء في الكر أو الفر. وأخيرًا تبدأ المرحلة الخامسة وهي مرحلة الانخفاض، وهي النقطة التي يدخل فيها الجسم فترة قصيرة ينخفض فيها معدل دقات القلب إلى ما دون المعدل الطبيعي حتى يتمكن الجسم من استعادة توازنه. يعود الوعي والطاقة لنتمكن من تقييم ما حدث في فترة الغصب. قد نبدأ بالشعور بالذنب أو الندم أو تعكر المزاج." ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:
http://https://adm.viu.ca/workplace-conflict/managing-anger-yours-and-others
10- https://ar.wikipedia.org/wiki/استجابة_الكر_أو_الفر
11- https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S0022103112000601?via=ihub
12- https://journals.sagepub.com/doi/10.1177/1094670509336744
13- http://https://ar.wikipedia.org/wiki/تبني_وجهة_نظر
14- https://journals.sagepub.com/doi/10.1177/0146167202289002
15- https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S0191886996002486?via=ihub
16- http://https://ar.wikipedia.org/wiki/تنظيم_انفعالي_ذاتي
17- https://psycnet.apa.org/doiLanding?doi=10.1037/pspp0000021
18- https://psycnet.apa.org/doiLanding?doi=10.1037/emo0000915
19- https://linkinghub.elsevier.com/retrieve/pii/S0749597812000684
20- https://journals.aom.org/doi/full/10.5465/amr.2007.25275495
21- https://psycnet.apa.org/doiLanding?doi=10.1037/apl0000458
22- https://onlinelibrary.wiley.com/doi/10.1002/job.4030150603
23- https://psycnet.apa.org/doiLanding?doi=10.1037/a0017742
المصدر الرئيس
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ محمد صنقور
عدنان الحاجي
الشيخ مرتضى الباشا
الشيخ حسين الخشن
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ جعفر السبحاني
السيد عباس نور الدين
الفيض الكاشاني
الشيخ علي آل محسن
حسين حسن آل جامع
الشيخ علي الجشي
الشيخ عبد الحميد المرهون
ناجي حرابة
عبدالله طاهر المعيبد
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
ياسر آل غريب
شهر رمضان فرصة لا تعوّض، وغنيمة لا تفوّت
(مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ)
فوائد معرفة إدارة الغضب في العمل
التفقه في الدعاء (9)
خديجة: الأنموذج الإنساني
الصدّيقة الكاملة
خديجة (عليها السلام) في كلمات بعض المؤرخين
أمّ المؤمنين خديجة: فخر الهاشميّات
البنى التحتية للثّورة الثقافيّة
درجات الصوم وآدابه