
{وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً}[1] أي: «حكم الله بأن لا تعبدوا إلهاً غيره!»، {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} أي: «أحسنوا كثيراً إلى والدكم ووالدتكم إحساناً».
{إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً}[2] أي: «إذا ما أصبح والدك أو والدتك، أي واحداً منهما أو كليهما كبيراً في العمر، حيث يبدأ سنّ الانزعاج والشكوى والتوبيخ والزجر، بالطبع الإنسان عندما يصبح كبيراً في العمر يصبح ضعيفاً، تماماً كحاله حينما يكون مريضاً، فإنّه يكون ضعيفاً أيضاً، ففي هذين الحالتين يظهر ضعف الإنسان، ويصبح تحمّل الإنسان هنا قليلاً. هذا التسخّط نحن نعبّر عنه بالتوبيخ والزجر! ولكن الآية لا تحاسب على الزجر، بل تحاسب حتى على إظهار الانزعاج على هيئة صوت ظاهر "أفّ"».
مثل هذه السيارات التي تصبح قديمة، فعندما تريد أن تذهب بها إلى مكان مّا تصدر صوتاً، فيأتي هذا الشخص ويتكلّم مع هذه السيارة وينصحها بأن تحسن تصرّفاتها، فيقول لها: أيّتها العزيزة لماذا أصبحت هكذا؟! فلقد قضيت عمراً في هذه الدنيا. ألا يجب أن تصلي إلى الكمال. في ذلك اليوم الذي أحضرتك فيه واشتريتك من المصنع كنتِ كالعروس، كنت تعملين كالحِصان، ولكن الآن ما الذي حصل فأصبحت هكذا، كلما أعطاك السائق الوقود، أصدرت ذلك الصوت «قار، قار»، «قار، قار»؟! عندها ستقول: كيف تحسب أنتَ الأمور؟! فتجيب بنفس جواب الإنسان حينما يكبر وتقول: يا سيّدي العزيز لقد أصبحتُ كبيرة في العمر.
رحم الله المرحوم الشيخ محمّد البهاري؛ فأخو زوجته الميرزا محمّد مجاهد الذي كان من علماء النجف، وأتى إلى هنا وكان عمره 90 عاماً وقد توفّي، وهو حفيد المرحوم الآخوند الملاّ حسين قلي الهمداني، في يوم من الأيام كان في دكّان يبيع الخضروات في النجف، ونحن أيضاً كنّا ذاهبين لشراء الخضار، وكان واقفاً يشتري الخضار. فقلت له: سيّدي كيف حالك؟ فقال: آه آه لا تقل: سيّدي! انظر لحالي كيف أصبحت؟ لا ظهر لدي ولا قوّة لدي وليس لدي شيء ثمّ قرأ لي هذا الشعر:
در جوانی کسی به من گفت
شير اگر پير هم بود شير است[3]
(عندما كنت شاباً قال لي شخص: إنّ الأسد إذا أصبح كبيراً في العمر فإنّه يبقى أسداً)
چون به پيری رسيدم و ديدم
شير آگر پير هم بود پير است[4]
(وعندما أصبحت كبيراً في العمر رأيت أنّ الأسد عندما يصبح كبيراً في العمر فإنّه يبقى كبيراً في العمر).
إذن بناءً على ذلك فنحن عندما نصبح كباراً في العمر، أو يعطب عضوٌ من أعضائنا أو نمرض، فإنّنا نرفع صوتنا بالعويل. والسائق عندما يرى السيّارة في هذا الشكل تصدر أصواتاً وأداؤها يصبح منخفضاً، يتعكّر مزاجه، ويركلها ركلتين، فيؤلم رجله ويزيد من خراب السيّارة!
لكن ما عليه فعله هو أن يتفحّصها ويلاحقها هنا وهناك، فيفحص الزيت ويصفِّيه، ويمسحها بخرقة القماش، يفتح بعض «البراغي»، ويغيّر بعض قطعها القديمة، ويسعى في أن لا يمشي بها في الأماكن الوعرة والحفر، وأن لا يضربها بعد الآن حتّى يستطيع أن يستفيد من هذه السيّارة بضعة أيّام أخرى.
يجب علينا أن نعامل الوالدين بهذا الشكل أيضاً، عزيزي! روحي! اصبر! هذا هو حال الدنيا! رتّب وهيّئ له سرير النوم. أعطه الماء بيده. أحضر له طعامه. أطع أوامره. هذا ما يأمر به القرآن!
أمّا الآن فنريد أن نقرأ آيةً أخرى ونفسّر معناها بشكل مجمل ٍومختصر.
{إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ} «لا تقل لهما: أفّ» وذلك بعد أن قال: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ} ثمّ يأتي ويتكلّم عن الأُمّ و الأب! فيقول: «قضى الله وحكم أن لا تعبدوا غيره وأن تحسنوا للوالدين» عجيب جدّاً! دفعة واحدة ينتقل من عبادته إلى موضوع الأب والأم {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ} «فلا تقل لهما: أفّ، لا تقل لهما: آخ، ولكن قل لهما: سمعاً وطاعةً!».
{وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً} أي: «لا يكن ألمهما ناشئاً منك! لا تبعدهما! لا تصرخ عليهما! لا تؤذهما! لا تنهرهما!» النهر يعني: الإبعاد! النهر يعني: الزجر.
{وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً} أي: «بهدوء وبالتجليل والتشريف (والكريم بمعنى العظيم) أي: تكلّم معهما بتعظيم! فلا تفرّ من خدمتهما ولا تذهب من الميدان! وكلّ عمل يريدانه فقم به، ولا تخرج من الساحة».
{وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ}[5] أي: «جناحين من الذلّة مقابل العزّة، لا تكن سيّداً قِبالهما! لا تكن سيّداً قبالهما! لا ترفع رأسك أمامهما! كن صغيراً عندهما». في بعض المواضع الصّغارة والتواضع مطلوبان. يجب على الإنسان أن يكون عزيزاً، ولكن ليس في قبال والده ووالدته.
ـــــــــــــــــــــــــ
1- سورة الإسراء (17) صدر الآية 23.
2- سورة الإسراء (17) ذيل الآية 23.
3- عندما كنت شاباً قال لي شخص: إنّ الأسد إذا أصبح كبيراً في العمر فإنّه يبقى أسداً
4- وعندما أصبحت كبيراً في العمر رأيت أنّ الأسد عندما يصبح كبيراً في العمر فإنّه يبقى كبيراً في العمر.
5- سورة الإسراء (17) صدر الآية 24.
شكل القرآن الكريم (2)
الدكتور محمد حسين علي الصغير
الهداية والإضلال
الشيخ شفيق جرادي
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (5)
محمود حيدر
كيف ننمّي الذكاء الاجتماعي في أولادنا؟
السيد عباس نور الدين
الذنوب التي تهتك العصم
السيد عبد الأعلى السبزواري
كلام في الإيمان
السيد محمد حسين الطبطبائي
الإسلام أوّلاً
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
لا تجعل في قلبك غلّاً (2)
السيد عبد الحسين دستغيب
معنى (لمز) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
التحسس الغلوتيني اللابطني لا علاقة له بمادة الغلوتين بل بالعامل النفسي
عدنان الحاجي
اطمئنان
حبيب المعاتيق
الحوراء زينب: قبلة أرواح المشتاقين
حسين حسن آل جامع
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
أظافر قدميك تكشف إذا كنت تعرضت لسبب غير مرئي لسرطان الرئة
شكل القرآن الكريم (2)
الهداية والإضلال
حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (5)
كيف ننمّي الذكاء الاجتماعي في أولادنا؟
(قضايا مأتميّة) الكتاب الإلكترونيّ الأوّل للشّاعر والرّادود عبدالشهيد الثور
مركز (سنا) للإرشاد الأسريّ مشاركًا خارج أسوار برّ سنابس
شروق الخميس وحديث حول الأزمات النّفسيّة وتأثيرها وعلاجها
نشاط غير عادي في أمعائنا ربما ساعد أدمغتنا أن تنمو أكبر
الذنوب التي تهتك العصم