ينطوي وجود الإنسان على بعدين هما: البعد المعنوي (الروح)، والبعد المادي (الجسم). فالغرائز المادية ترتبط بـــ «الجسم» وبالبعد المادي من تركيبة الإنسان؛ فيما تصدر الميول النفسية عن «الروح». وفي داخل الإنسان ثمة صراع بين البعدين، وهذا الصراع هو من القوة والعنف بحيث يصفه رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله) بــــ «الجهاد الأكبر».
وفي سياق التأكيد على البعدين اللذين يتألف منهما وجود الإنسان، جاء في الحديث الشريف «إنّ اللّه تعالى خلق الملائكة وركّب فيهم العقل، وخلق البهائم وركّب فيها الشهوة، وخلق بني آدم وركّب فيهم العقل والشهوة، فمن غلب عقله على شهوته فهو أعلى من الملائكة، ومن غلب شهوته على عقله فهو أدنى من البهائم» «1».
والذي يتضح من الحديث الشريف أن الملائكة موجودات نورانية مجرّدة عن الميول النفسية، وهي تحيا بحبّ اللّه (سبحانه). أما الحيوانات فقد خلقت وهي تفتقد إلى العقل والعلم والمعرفة، وهي تسعى في حياتها إلى الأكل والنوم وإشباع شهواتها فقط، حيث لا همّ لها سوى ذلك. أما بالنسبة للإنسان فقد منّ اللّه (سبحانه) عليه بتكوين خلقي ينطوي على قوة «العقل» وقوة «الشهوة» معًا، حيث يفتح الإنسان عينيه على هذه الدنيا وهو يحمل كلا الاستعدادين. لذلك إذا استطاع الإنسان أن يغلّب عقله فسيكون أعلى من الملائكة، أمّا إذا غلبت عليه شهوته فهو أدنى من البهائم.
وبهذا المعنى بالذات يكون الإنسان عرضة لفعل القوتين (العقل والشهوة) وميدانًا لــ «الجهاد الأكبر». فإذا استطاع الإنسان في مسير «الجهاد الأكبر» أن يهيمن على شهواته ويتغلب عليها وينتصر باختياره وإرادته، فسيكون عند اللّه (سبحانه) ذا مقام شامخ رفيع، ويكون مع النبيين رفيقًا، وفي ذلك يقول (تعالى):
«ومن يطع اللّه والرسول فأولئك مع الذين أنعم اللّه عليهم من النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا» «2».
ولمثل هذا الإنسان الذي ينتصر على شهواته يأتي الخطاب الإلهي في قوله (تعالى): «يا أيتها النفس المطمئنّة ارجعي إلى ربّك راضية مرضيّة فادخلي في عبادي وادخلي جنتي» «3».
إن الإنسان إذا انتصر في مسيرة «الجهاد الأكبر» فسيتألق ويرتقي في أشواط لقاء اللّه. ومن المؤكد أن أحدًا لا يستطيع أن يصف هذا السمو المعنوي والروحي في رحاب اللّه، ولا أن يذوق متعته ولذّته إلا بأن يوفّق إليه.
يقول (تعالى): «فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرّة أعين جزاء بما كانوا يعملون» «4».
أمّا إذا انهزم الإنسان في صراعه الداخلي، وسقط في معركة «الجهاد الأكبر» وأصبح ضحية بعده المادّي وأسير شهواته مثل حبّ الرئاسة والمال والجنس ونظائرها، فسيكون أدنى من الحيوان، يقول (تعالى): «أولئك كالأنعام بل هم أضلّ» «5».
ويقول أيضًا في وصف هذا الصنف: «إنّ شرّ الدوابّ عند اللّه الصمّ البكم الذين لا يعقلون» «6» أي إنّ القوّة الشهوية لدى هؤلاء غلبت القوّة العقلية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) الوسائل ، ج 11 ، ص 164 مع اختلاف يسير في الألفاظ .
( 2 ) النساء : 69 .
( 3 ) الفجر : 26 - 30 .
( 4 ) السجدة : 17 .
( 3 ) الأعراف : 179 .
( 4 ) الأنفال : 22 .
السيد عادل العلوي
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
عدنان الحاجي
الأستاذ عبد الوهاب حسين
الشيخ عبدالهادي الفضلي
السيد محمد حسين الطبطبائي
السيد محمد باقر الصدر
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
السيد كامل الحسن: غياب الهدفية في حياة الإنسان
العلم الإلهامي برؤية جديدة
الشيخ عبد الجليل البن سعد: المجتمع الرّشيد
هل خلق آدم للجنّة أم للأرض؟
معنى (الدعاء الملحون)
اختلاف آراء الفلاسفة المادّيّين في حقيقة المادّة
كتاب الدّين والضّمير، تهافت وردّ
عوامل احتمال الإصابة بالسّكتة الدّماغيّة الحادّة
صراع الإسلام مع العلمانية
طريقة إعداد البحث