
من جملة الآيات التي لها دلالة على أنّ مبدأ خلقة الإنسان (آدم) كان من الطين هذه الآيات الثلاث. (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ، ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ، ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ). «1»
ورد في «مجمع البيان»: السُّلَالَةُ، الصَّفْوَةُ التي تَنْسَلُّ أي تُنْزَعُ مِنْ غَيْرِهَا، وَيُسَمَّى مَاءُ الرَّجُلِ سُلَالَةً لَانْسِلَالِهِ مِنْ صُلْبِهِ. «2». قال العلّامة الطباطبائيّ قدّس الله سرّه، في هذه الآية (وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ)، المراد بالإنسان النوع ، فالمبدو خلقته من طين هو النوع الذي ينتهي أفراده إلى مَن خُلق من طين من غير تناسل من أب وأمّ كآدم وزوجه عليهما السلام، والدليل على ذلك قوله من بعده. (ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ)، فالنسل الولادة بانفصال المولود عن الوالدين، والمقابلة بين بدء الخلق وبين النسل لا يلائم كون المراد ببدء الخلق بدء خلق الإنسان المخلوق من ماء مهين، ولو كان المراد ذلك لكان حقّ الكلام أن يقال. (ثُمَّ جَعَلَهُ سُلَالَةً مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ) فَافْهَمْهُ. «3»
وكان مقصوده بهذا البيان، أنّ مجيء كلمة نسل هنا بشكل حتميّ تدلّ على مغايرة كيفيّة خلقة بدء الإنسان مع كيفيّة خلقة ذرّيّته وأولاده، لذا لا يمكن اعتقاد بدء خلق الإنسان من نوع آخر بالتوالد والتناسل والنطفة التي هي سلالة من ماء مهين، وهو يردّ بهذا البيان على تفسير وتعبير الذين يعتبرون البشر نوعاً مبتذلًا من أنواع أخرى.
يقول الحقير، ومضافاً إلى ذلك وأكثر، فإنّ هذا البيان ردّ على الذين حملوا هذه الآية على مبدأ خلقة الإنسان وبقيّة الموجودات من الطين الأوّل، أي من تلك الخلايا والموجودات ذوات الخليّة الواحدة.
والمراد بنسله عندهم نُطَفُ أنواع الحيوانات والناس السابقين قبل ولادة آدم، وحملوا تسويته على خلقة الإنسان الكامل من جميع الجهات كآدم، التي اكتسب بها قابليّة السمع والبصر والفؤاد وصار لائقاً لمقام العلم والمعرفة وشكر الخالق. يقولون: إنّ هذه الآيات الثلاث تبيّن بالترتيب ثلاث دورات مختلفة لنشوء الإنسان.
الدورة الأولى، حين كان الإنسان طيناً، ولم تكن الموجودات ذوات الخلايا الواحدة قد ظهرت. (وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ).
الدورة الثانية، حين نشأت الخلايا وبدأت بالتكاثر، فظهرت أنواع بعد أنوع أخرى بالتكاثر في النسل. (ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ). أي أنواع النطف، إذ من غير ذوي الخلايا الواحدة فإنّ الجميع يحتاج في تكاثره إلى ذكر وأنثى وفعل وانفعال.
الدورة الثالثة، تسوية الإنسان الكامل ومنحه من بين جميع طبقات الحيوانات السابقة هيكلًا بدنيّاً قابلًا من الناحية الفسلجيّة للأعضاء السمعيّة والبصريّة والقوى الفكريّة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - الآيات 7 إلى 9 ، من السورة 32 . السجدة.
(2) - يقول في « مجمع البحرين » . « وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ » يعني آدم عليهالسلام أسلّ من طين. ويقال. سلّه من كلّ تربة. ومِن في الموضعين للابتداء، والسلالة. الخُلاصة لأنّها تُسَلُّ من الكدر. ويكنّي بها الولد. والسلالة. النطفة أو ما ينسلّ من الشيء القليل. وكذلك الفُعالة نحو الفُضالة والنُخامة والقُلامة ونحو ذلك، وسُلالة الوصيّين. أولادهم.
(3) - « الميزان في تفسير القرآن » ج 16 ، ص 263.
                    
                        حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (5)                    
                    
                        محمود حيدر
                    
                        كيف ننمّي الذكاء الاجتماعي في أولادنا؟                    
                    
                        السيد عباس نور الدين
                    
                        الذنوب التي تهتك العصم                    
                    
                        السيد عبد الأعلى السبزواري
                    
                        كلام في الإيمان                    
                    
                        السيد محمد حسين الطبطبائي
                    
                        شكل القرآن الكريم (1)                    
                    
                        الدكتور محمد حسين علي الصغير
                    
                        الإسلام أوّلاً                    
                    
                        الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
                    
                        لا تجعل في قلبك غلّاً (2)                    
                    
                        السيد عبد الحسين دستغيب
                    
                        معنى (لمز) في القرآن الكريم                    
                    
                        الشيخ حسن المصطفوي
                    
                        التحسس الغلوتيني اللابطني لا علاقة له بمادة الغلوتين بل بالعامل النفسي                    
                    
                        عدنان الحاجي
                    
                        {وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا}                    
                    
                        الشيخ مرتضى الباشا
                    
                        اطمئنان                    
                    
                        حبيب المعاتيق
                    
                        الحوراء زينب: قبلة أرواح المشتاقين                    
                    
                        حسين حسن آل جامع
                    
                        أيقونة في ذرى العرش                    
                    
                        فريد عبد الله النمر
                    
                        سأحمل للإنسان لهفته                    
                    
                        عبدالله طاهر المعيبد
                    
                        خارطةُ الحَنين                    
                    
                        ناجي حرابة
                    
                        هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال                    
                    
                        أحمد الرويعي
                    
                        وقف الزّمان                    
                    
                        حسين آل سهوان
                    
                        سجود القيد في محراب العشق                    
                    
                        أسمهان آل تراب
                    
                        رَجْعٌ على جدار القصر                    
                    
                        أحمد الماجد
                    
                        خذني                    
                    
                        علي النمر
                    
                        حقّانية المثنّى كمبدأ أنطولوجي (5)
                    
                        كيف ننمّي الذكاء الاجتماعي في أولادنا؟
                    
                        (قضايا مأتميّة) الكتاب الإلكترونيّ الأوّل للشّاعر والرّادود عبدالشهيد الثور
                    
                        مركز (سنا) للإرشاد الأسريّ مشاركًا خارج أسوار برّ سنابس
                    
                        شروق الخميس وحديث حول الأزمات النّفسيّة وتأثيرها وعلاجها
                    
                        نشاط غير عادي في أمعائنا ربما ساعد أدمغتنا أن تنمو أكبر
                    
                        الذنوب التي تهتك العصم
                    
                        (ما بين العواصف والرّمال) إصدار تأمّليّ لحسن الرّميح
                    
                        كلام في الإيمان
                    
                        شكل القرآن الكريم (1)