من التاريخ

دَولَة العَلويّين


الشيخ محمد الحسين المظفر  ..

في سنة 250 ظهر في طبرستان الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن زيد بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، وبايعه الناس، واستمر في الحكم 19 سنة، وبضعة أشهر وقام من بعده أخوه محمد، وبقي في الولاية 17 عاماً وبضعة شهور.
قال السيد الأمين في الجزء الخامس والأربعين من الأعيان ص 141 طبعة سنة 1959:
كان محمد هذا إذا افتتح الخراج نظر إلى بيت المال، وما فيه من خراج السنة الماضية ففرقه في قبائل قريش، ثم في الأنصار، وأهل القرآن والفقهاء، وسائر طبقات الناس، حتى لا يبقى منه درهم.
وفي ذات يوم جلس يوزع الأموال، فقام إليه رجل.
فقال له: من أي قبيلة أنت؟
قال: من بني عبد مناف.
قال محمد: من أي عبد مناف؟
قال الرجل: من بني أمية.
قال محمد: من أي رجل منهم؟ فسكت.
قال محمد: لعلك من ولد معاوية؟
قال الرجل: نعم.
قال محمد: فمن أي ولده؟ فسكت.
قال: لعلك من ولد يزيد؟
قال الرجل: نعم.
فنظر العلويون إليه شزراً. فصاح بهم محمد، وقال: لعلكم تظنون أن في قتله إدراكاً لثأر أبي الحسين؟ إن اللّه سبحانه قد حرم أن تطالب نفس بغير ما كسبت. ثم أن محمداً حدث جلساءه بهذا الحديث:
قال: حدثني أبي عن أبيه ان المنصور كان بمكة في سنة من السنين، فعرضت عليه جواهر كانت عند هشام بن عبد الملك، فقال: بلغني أن عند محمد بن هشام جواهر غير هذه، وكان محمد بن هشام حاجاً في تلك السنة، فانتظر المنصور، حتى اجتمع الناس في الكعبة، فأمر وزيره الربيع أن يغلق جميع الأبواب، ويوكل بها من يطمئن إليه، ويبقي باباً واحداً، يقف عليه الربيع، ولا يدع أحداً يخرج إلا من يعرفه حق المعرفة، إما شخصياً، أو بشهود.
وفعل الربيع ذلك، وكان ابن هشام في الكعبة، فعرف أنه هو المطلوب، فذعر وخاف، واضطرب أيما اضطراب، فرآه محمد بن زيد بن علي بن الحسين على تلك الحالة، وهو لا يعرفه، فسأله عن شأنه، فقال الأموي: ألي الأمان إن أخبرتك؟
قال السيد العلوي: نعم، وأنت في ذمتي، حتى أخلّصك.
فقال الأموي: أنا محمد بن هشام بن عبد الملك، فمن أنت؟
قال العلوي: أنا محمد بن زيد بن علي بن الحسين.
فازداد خوف الأموي، وقال: عند اللّه أحتسب نفسي.
قال السيد العلوي: لا بأس عليك، وسأعمل لخلاصك، على أن تعذرني في مكروه أتناولك به.
قال الأموي: أنت وذاك.
فنزع السيد العلوي رداءه، وطرحه على رأس الأموي ووجهه، وأخذ يجره من خلفه، حتى إذا وصل إلى الباب، جعل العلوي يضرب رأس الأموي، ويقول للربيع: يا أبا الفضل إن هذا الخبيث جمّال من أهل الكوفة، أكراني جماله ذهاباً وإياباً، ولكنه هرب مني، وأكرى جماله لغيري، فأعطني رجلين يحرسانه، حتى يؤدي إليّ حقي. فأعطاه الربيع شرطيين، فمضيا معه، فلما بعد عن المسجد، قال له العلوي: يا خبيث تؤدي إليَّ حقي؟
قال الأموي: نعم يا ابن رسول اللّه. فقال للحارسين: انطلقا عنه. ثم أطلقه، فقبل الأموي رأس العلوي، وقال: بأبي أنت وأمي، اللّه أعلم حيث يجعل رسالته، ثم أخرج جواهر ودفعها إليه، وقال : أرجو أن تشرفني بقبولها.
قال : نحن أهل بيت لا نقبل على المعروف ثمناً، وقد تركت لك أعظم من هذا، وهو دم أبي زيد الذي قتله أبوك هشام، فانصرف ووارِ شخصك.
ولا بدع إذا عفا حفيد أمير المؤمنين عن ابن قاتل أبيه، فجده من قبل صفح عن ألد أعدائه ابن العاص، وابن أرطأة، وابن الحكم، وصاحبة الجمل، وأوصى بقاتله خيراً.
ولما توفي محمد بن زيد تولى من بعده الحسن بن علي بن الحسن بن عمر بن علي ابن الحسين المعروف بالأطروش، وأقام في الحكم 13 سنة يدعو إلى الإسلام، فأسلم على يده خلق كثير، وذهبوا مذهب التشيع، وبنى المساجد والمعاب1.
وفي كتاب «الأدب في ظل بني بويه» ص 15 أن أهل الديلم كانوا وثنيين، مع أن بلادهم افتتحت منذ عهد عمر بن الخطاب، وقد استمروا خاضعين للحكم الإسلامي مع بقائهم على وثنيتهم، حتى حل بينهم الحسن بن علي الأطروش، فدخلوا في الإسلام، واعتنقوا مذهب التشيع على يده.
وقال المسعودي في آخر الجزء الرابع من كتابه «مروج الذهب» : أقام الأطروش في الديلم والجبل سنين، وهم جاهلية، ومنهم مجوس، فدعاهم إلى اللّه، فاستجابوا، وأسلموا إلا قليلاً منهم في مواضع من بلاد الجبل، والديلم جبال شاهقة، وقلاع وأودية، ومواضع خشنة، وقد بنى الأطروش في بلادهم المساجد.
وقتل سنة 304 هجري، فقام بعده صهره الحسن بن القاسم العلوي، وقتل سنة 316، وبه انتهت هذه الدولة العلوية التي استمرت 67 سنة، وبسببها أسلمت وتشيعت بلاد الديلم.

* تاريخ الشيعة للشيخ محمد الحسين المظفر.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد