من التاريخ

بيتٌ يُحَجُّ قبل آدم بألفَي عام

 

الشهيد الأوّل
قال الشّهيد الأوّل قدّس سرّه: «لنختم كتابَ الحجِّ بأخبارٍ اثنَي عشر:
الأوّل: روى البِزَنْطي ".." قال: كنّا عند أبي جعفر -الباقر- عليه السلام في الفسطاط، نحواً من خمسين رجلاً، فقال لنا: أتدرون أيّ البقاع أفضلُ عندَ الله منزلة؟
فلم يتكلَّم أحدٌ، فكان هو الرادّ على نفسه، فقال: تلك مكَّةُ الحرام التي رضيَها اللهُ لنفسِه حَرَماً، وجعلَ بيتَه فيها .
ثمّ قال: أَتدرونَ أيّ بقعةٍ في مكَّة أفضلُ حرمة؟ 
فلم يتكلَّم أحد، فكان هو الرادّ على نفسه، فقال: ذلك المسجدُ الحرام .
ثمّ قال: أتدرونَ أيّ بقعةٍ في المسجد أعظمُ عند الله حرمة؟
فلم يتكلَّم أحد، فكان هو الرادّ على نفسه، فقال: ذلك بين الرُّكنِ الأسود إلى باب الكعبة، ذلك حطيمُ إسماعيل عليه السلام الذي كان يذودُ فيه غنيمتَه، ويصلَّي فيه .
فوَاللهِ لو أنّ عبداً صفّ قدمَيه في ذلك المكان، قائماً اللّيل مصلَّيا حتّى يَجُنّه النّهار، وقائماً النّهار حتّى يَجُنّه اللّيل ولم يعرف حقَّنا وحرمتَنا أهلَ البيت، لم يقبل اللهُ منه شيئاً أبداً .
إنّ أبانا إبراهيمَ -عليه السلام وعلى محمّدٍ وآله- كان ممّا اشترطَ على ربّه أنْ قال: ربِّ اجعلْ أفئدةً من النّاس تهوي إليهم، أما أنّه لم يعْنِ النّاس كلَّهم، فأنتم أولئك -رحمَكم الله- ونظراؤكم، وإنّما مثَلُكم في النّاس مثل الشّعرة السّوداء في الثّورِ الأنوَر .


الثاني: ما رواه الصّدوق بإسناده إلى أبي حمزة الثُّمالي، قال: قال لنا عليُّ بن الحسين عليهما السلام: أيُّ البقاع أفضل؟ فقلت: اللهُ ورسولُه وابنُ رسولِه أعلم. 
فقال: أفضلُ البقاع ما بين الرُّكن والمقام، ولو أنّ رجلاً عمّر ما عمّر نوحٌ في قومه؛ ألف سنةٍ إلَّا خمسين عاماً، يصوم النّهارَ ويقوم اللّيل في ذلك المكان، ثمّ لَقِيَ اللهَ عزّ وجلّ بغيرِ ولايتِنا، لم ينفعه ذلك شيئاً .
الثالث: عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: أحبُّ الأرض إلى الله عزّ وجلّ مكَّة، وما تربةٌ أحبُّ إلى الله من تربتِها، ولا حجرٌ أحبُّ إليه من حَجَرِها، ولا شجَرٌ أحبُّ إليه من شجَرِها، ولا جبالٌ أحبّ إليه من جبالها، ولا ماءٌ أحبّ إليه من مائها.
الرابع: ما رواه الصَّدوق عن الإمام الباقر عليه السلام، قال: أتى آدمُ هذا البيتَ ألف أَتْيَةٍ على قدَميه، منها سبعمائة حِجّة وثلاثمائة عُمرة، وكان يأتيه من ناحية الشّامِ على ثَور .
الخامس: عن الإمام الصادق عليه السلام: مَن أمّ هذا البيتَ حاجّاً أو معتمراً (مُبرَّءاً) من الكِبْر، رجعَ من ذنوبه كَهيئتِه يومَ ولدته أُمّه، والكِبْر أن يجهلَ الحقّ، ويطعنَ على أهله .
السادس: قال الإمام الصادق عليه السلام: مَن نظرَ إلى الكعبة فعرفَ من حقِّنا وحرمتِنا مثل الذي عرفَ من حقِّها وحرمتِها، غفرَ اللهُ له ذنوبَه، وكفاه همّ الدّنيا والآخرة.
ورُوي أنّ مَن نظر إلى الكعبة لم يزَل يكتَب له حسنة، ويُمحى عنه سيّئة حتّى يصرفَ بصرُه عنها. 


السابع: قال الإمام الباقر عليه السلام: ما يقفُ أحدٌ على تلك الجبال، بَرّ ولا فاجر إلَّا استجابَ اللهُ له، فأمّا البرّ فيُستجاب له في آخرتِه ودنياه، وأمّا الفاجر فيُستجابُ له في دنياه، وما من رجلٍ وقفَ بعَرَفة من أهل بيتٍ من المؤمنين إلَّا غفرَ اللهُ لأهلِ ذلك البيت من المؤمنين، وما من رجلٍ من أهل كورةٍ وقف بعَرَفة من المؤمنين إلَّا غفرَ اللهُ لأهلِ تلك الكورة من المؤمنين .
الثامن: عن الإمام الصادق عليه السلام: لِلَّذي يحجُّ عن الرَّجل أجرُ وثوابُ عشر حجَج، ويغفر له ولأبيه ولأُمِّه، ولابنِه ولابنتِه، ولأخيه ولأُختِه، ولعمِّه وعمّتِه، ولخالِه وخالتِه .
التاسع: قال الإمام الصادق عليه السلام: مَن أنفقَ درهماً في الحجّ كان خيراً له من مائة ألف درهم يُنفقُها في حقّ.
قال ابنُ بابويه [الصَّدوق]: رُوي أنّ درهماً في الحجّ أفضلُ من ألفَي ألف درهم في ما سواه في سبيل الله، وأنّ درهماً يصلُ إلى الإمام مثل ألف ألف درهم في الحجّ.
العاشر: روى سعد الإسكاف قال: سمعت أبا جعفر -الباقر- عليه السلام يقول: إنّ الحاجَّ إذا أخذَ في جهازه لم يَخْطُ خُطوةً إلَّا كتبَ اللهُ له عشرَ حسنات، ومحا عنه عشرَ سيّئات، ورفع له عشرَ درجات حتّى يفرغ من جهازه، فإذا استقلَّت به راحلتُه لم ترفع خُفّاً ولم تضعه، إلَّا كتبَ اللهُ له مثل ذلك حتّى يقضي نُسُكَه، فإذا قضى نُسُكَه غفرَ اللهُ له، وكان بقيّة ذي الحجّة والمحرّم وصفر وشهر ربيع الأوّل وعشراً من شهر ربيع الآخر يكتب له الحسنات، ولا يكتب عليه السيئات إلَّا أن يأتي بموجِبة [قيل: الكبيرة]، فإذا مضتْ أربعةُ أشهر خُلِط بالنّاس .
الحادي عشر: قال الإمام الصادق عليه السلام: الحاجّ، يصدرون على ثلاثة أصناف؛ فصنفٌ يُعتَقون من النّار، وصنفٌ يخرجُ من ذنوبه كيومِ ولدته أُمُّه، وصنفٌ يُحفَظ في أهلِه ومالِه.
الثاني عشر: روى زرارة أنّه قال لأبي عبد الله عليه السلام: جعلَني الله فداك، أسألُك في الحجّ منذ أربعين عاماً فتَفتيني. فقال: يا زرارة، بيتٌ يُحَجّ قبل آدم بألفَي عام، تريدُ أن تُفتَي مسائلَه في أربعين عاماً» .

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد