السيّد علي عباس الموسوي
لا يخرج الإنسان في صفاته، ومهما بلغ من الدرجات العليا من الكمال الماديّ والمعنويّ، عن الطبيعة البشريّة. وهذه الطبيعة تتطلّب أموراً تدفع الإنسان للعمل على الاستجابة لها وتلبيتها. ولكنّ الإنسان الذي يسير في طريق الهدى والصراط المستقيم يعمد إلى تلبية ذلك من خلال ما أمر الله به، فلا يعتدي ولا يتعدّى الحدود الإلهيّة. وأمَّا من يخرج عن سبيل الله وهداه فيتوسّل بكلِّ ما يُتاح له من وسائل وطرق لتلبية تلك الاحتياجات.
ومن هذه الاحتياجات الفطريَّة الإنسانيَّة الثابتة الذكرُ الحسن بين الناس. ففي الإنسان ميلٌ ورغبةٌ للشهرة ولأنْ يذكر بين الناس بالخير، وأن يكون معروفاً بذلك بين الناس، يجري ذكره على الألسن بالمدح والثناء. وهذه الفطرة قد تسير بالإنسان نحو الكمال المعنويّ فتُعلي من شأنه عند الله وعند الناس، وهذا هو حال المؤمن الذي أخلص نفسه لله عزّ وجلّ. ولكن هذه الفطرة قد تنحرف في أحيانٍ أخرى فتسير بالإنسان نحو الهبوط والشقاء والحرمان المعنويّ عندما لا يكون الميل لذلك مع الإخلاص لله عز وجل.
فالإسلام لم يحارب حاجة الإنسان إلى ما يسمَّى في عالمنا المعاصر بالشهرة، بل يرشدنا الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام في نهج البلاغة (عهد الأشتر "رحمه الله") إلى أنّ الذكر الحسن هو طريق معرفة الصالحين: "إنَّما يُستَدلُّ على الصّالِحينَ بما يُجري الله لهم على ألسن عباده، فليكن أحبُّ الذخائر إليك ذخيرة العمل الصالح".
نعم حبُّ الشهرة هذا إنَّما يكون باباً من أبواب الخير إذا شكَّل دافعاً للإنسان لكي يأتي بالعمل الصالح الموجب للشهرة بين الناس، دون أن يتنافى ذلك مع الإخلاص لله عزّ وجلّ. ولكنَّ هذا لا يعني أنَّ كلَّ شهرة ممدوحة، بل من الشهرة ما يكون مذموماً، كأن يشتهر الإنسان بالمعصية والفسق والعياذ بالله، أو يشتهر بالظلم والاستبداد والتعدي على الناس، أو أن يشتهر بعمل الخير ولكن لا يكون عمله خالصاً لله عزّ وجل، بل تكون الشهرة هي الغاية المطلوبة، فيكون الإحسان إلى الناس لأجل أن يُذكَرَ بين الناس بأنّه من المحسنين، والعطاء ممّا رزقه الله من المال لأجل أن يُذكَرَ بين الناس بأنّه معطاء كريم، والحضور في المساجد والمجالس لأجل أن يُذكَرَ بين الناس بأنّه من المؤمنين، وهكذا يخرج الإنسان عن إخلاص العمل لله عز وجل إلى نوعٍ من الشرك الخفيّ. ففي كلِّ عملٍ نُقدِمُ عليه ينبغي أن نحضر الإخلاص في نفوسنا. ونيّة الإخلاص في العمل لا تتنافى إطلاقاً مع حبِّ الإنسان لأن يذكر بخيرٍ بين الناس، وأفضل صوره أن يأتي الإنسان بالعمل خالصاً لله عزّ وجل، ويلجأ إلى الله عزّ وجل فيطلب منه أن يكون ذكره بين الناس طيباً، فهو بهذا يكون مخلصاً لله عزّ وجل حتّى في طلبه للشهرة بين الناس لأنّه يطلب ذلك من الله عزّ وجل، وهذا هو سرّ دعاء أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام إلى الله عز وجل في قوله: ﴿رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ* وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ﴾ (الشعراء: 83ـ 84).
الشيخ عبدالهادي الفضلي
السيد محمد باقر الصدر
الأستاذ عبد الوهاب حسين
السيد محمد باقر الحكيم
السيد محمد حسين الطهراني
السيد محمد حسين الطبطبائي
عدنان الحاجي
محمود حيدر
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ حسين مظاهري
عبد الوهّاب أبو زيد
الشيخ علي الجشي
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
الشيخ عبدالكريم الحبيل: أخلاق فاطمة الزهراء عليها السلام
الشيخ عبدالكريم الحبيل: القلب السليم في القرآن الكريم (5)
الشيخ عبدالكريم الحبيل: القلب السليم في القرآن الكريم (4)
مقدّمات البحث
تأبين الشّيخ الحبيل للكاتب الشّيخ عباس البريهي
حاجتنا إلى النظام الإسلامي خاصّة
القرآن يأسر القلب والعقل
الشيخ عبدالكريم الحبيل: القلب السليم في القرآن الكريم (3)
تقييم العلمانية في العالم الإسلامي
ضرورة الإمامة