مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد محمد باقر الصدر
عن الكاتب :
ولد في مدينة الكاظمية المقدسة في الخامس والعشرين من ذي القعدة سنة 1353 هـ، تعلم القراءة والكتابة وتلقى جانباً من الدراسة في مدارس منتدى النشر الابتدائية، في مدينة الكاظمية المقدسة وهو صغير السن وكان موضع إعجاب الأساتذة والطلاب لشدة ذكائه ونبوغه المبكر، ولهذا درس أكثر كتب السطوح العالية دون أستاذ.rnبدأ بدراسة المنطق وهو في سن الحادية عشرة من عمره، وفي نفس الفترة كتب رسالة في المنطق، وكانت له بعض الإشكالات على الكتب المنطقية. بداية الثانية عشرة من عمره بدأ بدراسة كتاب معالم الأصول عند أخيه السيد إسماعيل الصدر، سنة 1365 هـ هاجر إلى النجف الاشرف، لإكمال دراسته، وتتلمذ عند آية الله الشيخ محمد رضا آل ياسين وآية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي. أنهى دراسته الفقهية عام 1379 هـ والأصولية عام 1378 هـ عند آية الله السيد الخوئي.rnمن مؤلفاته: فدك في التاريخ، دروس في علم الأصول، نشأة التشيع والشيعة، فلسفتنا، اقتصادنا وغير ذلك.

مفهوم الإسلام عن الثروة

فيما يتصل بالنظر إلى الثروة كهدف أصيل يمكننا أن نحدد نظرة الإسلام إلى الثروة في ضوء النصوص التي عالجت هذه الناحية وحاولت أن تشرح المفهوم الإسلامي للثروة. وهذه النصوص يمكن تصنيفها إلى فئتين. وقد يجد الدارس لأول وهلة تناقضاً بينهما في معطياتهما الفكرية عن الثروة وأهدافها ودورها، ولكن عملية التركيب بين تلك المعطيات تحل التناقض، وتبلور المفهوم الكامل للإسلام عن تنمية الثروة بكلا حدّيه.

 

ففي إحدى الفئتين تندرج النصوص التالية:

(أ) قال رسول الله (ص): نعم العون على تقوى الله الغنى (1).

(ب) وعن الإمام الصادق (ع): إن نعم العون على الآخرة الدنيا (2).

(ج) وعن الإمام الباقر (ع): إن نعم العون الدنيا على طلب الآخرة (3).

(د) وعن الرسول (ص): اللهم بارك لنا في الخبز، ولا تفرق بيننا وبينه، ولولا الخبز ما صلّينا، ولا صمنا ولا أدينا فرائض ربنا (4).

(ه) وعن الصادق (ع): لا خير فيمن لا يحب جمع المال من حلال، يكف به وجهه، ويقضي به دينه، ويصل به رحمه (5).

(و) وقال رجل للصادق (ع): والله إنّا لنطلب الدنيا ونحب أن نؤتاها فقال له: تحب أن تصنع بها ماذا؟ فقال أعود بها على نفسي وعيالي وأصل بها وأتصدق بها وأحج واعتمر فقال له الإمام: ليس هذا طلب الدنيا هذا طلب الآخرة (6).

(ز) وفي الحديث: ليس منا من ترك دنيا لآخرته أو آخرته لدنياه (6).

 

وتضم الفئة الثانية النصوص الآتية

أ - عن الرسول (ص): من أحب دنياه أضر بآخرته (8).

ب - وعن الصادق (ع): رأس كل خطيئة حب الدنيا (9).

ج - وعن الصادق أيضاً: أبعد ما يكون العبد من الله إذا لم يهمه إلا بطنه وفرجه (10).

د - وعن أمير المؤمنين علي (ع): من أعون الأخلاق على الدين الزهد في الدنيا (11).

 

ومن اليسير لكل أحد أن يلاحظ التفاوت بين الفئتين، فالدنيا والثروة والغنى نعم العون على الآخرة في الفئة الأولى، بينما هي رأس كل خطيئة في الفئة الثانية.

 

ولكن هذا التناقض يمكن حلّه بعملية تركيب، فالثروة وتنميتها نعم العون على الآخرة وهي رأس كل خطيئة لأنها ذات حدين. وإطارها النفسي هو الذي يبرز هذا الحد أو ذاك. فالثروة في رأس الإسلام وتنميتها هدف من الأهداف المهمة ولكنه هدف طريق لا هدف غاية، فليس الثروة وإنما هي وسيلة يؤدي بها الإنسان الإسلامي دورًا لخلافة، ويستخدمها في سبيل تنمية جميع الطاقات الإسلامية، ويستخدمها في مجالاتها المعنوية والمادية فتنمية الثروة والإنتاج لتحقيق الهدف الأساسي من خلافة الإنسان في الأرض هي نعم العون على الآخرة، ولا خير فيمن لا يسعى إليها، وليس من المسلمين بوصفهم حملة رسالة في الحياة من تركها وأهملها. وأمّا تنمية الثروة والإنتاج لأجل الثروة بذاتها، وبوصفها المجال الأساسي الذي يمارس الإنسان في حياته ويغرق فيه، فهي رأس كل خطيئة، وهي التي تبعد الإنسان عن ربه، ويجب الزهد فيها.

 

فالإسلام يريد من الإنسان الإسلامي أن ينمي الثروة ليسيطر عليها، وينتفع بها في تنمية وجوده ككل، لا لتسيطر عليه الثروة، وتستلم منه زمام القيادة، وتمحو من أمامه الأهداف الكبرى (12).

 

فالثروة وأساليب تنميتها التي تحجب الإنسان الإسلامي عن ربه، وتنسيه أشواقه الروحية، وتعطل رسالته الكبرى في إقامة العدل على هذا الكوكب، وتشدّه إلى الأرض لا يقرها الإسلام. والثروة وأساليب التنمية التي تؤكد صلة الإنسان الإسلامي بربه المنعم عليه، وتهيء له عبادته في يسر ورخاء، وتفسح المجال أمام كل مواهبه وطاقته للنمو والتكامل، وتساعد على تحقيق مثله في العدالة والأخوة والكرامة هي الهدف الذي يضعه الإسلام أمام الإنسان الإسلامي، ويدفعه نحوه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ج 12، ص 49، الحديث 2204.

(2) الوسائل ج 12، ص 16، الحديث 21895.

(3) المصدر السابق، الحديث 21898.

(4) المصدر السابق، الحديث 21899.

(5) الوسائل ج 12، ص 19، الحديث 21905.

(6) المصدر السابق، الحديث 218907.

(7) الوسائل ج 12، ص 49، الحديث 22022.

(8) الوسائل ج 11، ص 309، الحديث 20825.

(9) الأصول من الكافي ج 2 ن ص 315، الحديث 1.

(10) الوسائل ج 11، ص 318، الحديث 20854.

(11) الوسائل ج 11، ص 311، الحديث 20830.

(12) لاحظ الوسائل ج 12، ص 16 و 19.

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد