أحد الأهداف الكبرى التي ينبغي أن يتوجه التعليم المدرسي إليها هو ربط المتعلم بالمشروع الحضاري الكبير الذي ينبغي أن تتكاتف جهود الجميع وتنصب باتّجاه تحقيقه؛ الأمر الذي يقتضي قبل أي شيء جعل مجتمعنا قويًّا ومنيعًا، يحقق استقلاله في كل المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها.
ينبغي أن يصبح هذا المشروع حاضرًا في نفس المتعلم كهدفٍ أساسي لكل جهوده التي سيبذلها في المستقبل وهو يعمل على تأمين مستلزمات عيشه واستقراره، بحيث لا يرى تعارضًا بين الأمرين، بل يؤمن بأنّ السبيل الوحيد لتأمين الحياة الطيبة له ولأفراد أسرته يقتضي أن يعمل على أساس تحقيق ذلك الهدف الحضاري الكبير.
إنّ بناء هذا الوعي يستلزم الربط الدقيق بين الحياة الخاصة والحياة العامة ومعرفة الآثار الناجمة عن الصراع العالمي الذي يجري على قدمٍ وساق بين مختلف القوى العالمية، وعن التفاعل بين الدول والشعوب، وكيف يؤدي ذلك إلى تعاسة أو سعادة الشعوب والأفراد؛ كما إنّ تحقيق هذا الوعي يستلزم العمل على تقوية الحس الإنساني والحس الإلهي في المتعلم، بحيث ينسجم في تعامله مع كل قضايا الحياة مع مقتضيات إنسانيته ومستلزمات ارتباطه بالله سبحانه وتعالى.
ففي المرحلة الأولى يجب العمل على توفير كل مقدمات الوعي الاجتماعي الذي يرتبط بحياة الإنسان الفردية، مما يعني ضرورة اكتشاف معنى الجماعة والأمة والشعب والبلد والوطن في النفس ودورها في عملية تشكيل الهوية الذاتية.
كل ذلك من أجل أن ننتقل فيما بعد إلى المرحلة الثانية في التعليم حيث يجب العمل على إظهار جميع الآثار الناجمة عن التفاعل بين شعوب العالم، والتي غلب عليها عبر التاريخ الممتد للبشرية جانب الصراع والحروب والاقتتال والهيمنة والسيطرة وحتى الإبادة، ليكون التاريخ بالنسبة لهذا المتعلم مصدرًا أساسيًّا لتفسير الواقع، وامتلاك الوعي العميق تجاه ما يجري اليوم في العالم، والقدرة على استشراف مستقبله.
تقتضي المرحلة الثانيةالعمل على تعزيز المشاعر الدينية الإلهية، للوصول بالمتعلم إلى مستوى من الوعي والاهتمام بالشأن الاجتماعي الكبير، بحيث يرى مصيره الأخروي مرتبطًا به أشد الارتباط، فيصبح مستعدًّا لبذل الغالي والنفيس، بل وقف حياته كلها لأجل تحقيق ما يريده الله من البشرية على صعيد الاجتماع.
أما في المرحلة الثالثة فمن المفترض أن يرتقي وعي المتعلم بخصوص المشروع الكبير إلى مستوى تحديد أهم مستلزماته وتطبيق ذلك على نفسه، بحيث يدرك جيدًا ما الذي ينبغي أن يعمل على تحقيقه من معارف ومهارات وكيف يمكن أن يُسخّر هذه الإمكانات ضمن خطة واضحة ذات مراحل. وينبغي أن يتعرف إلى الموانع التي تقف أمام تحقيق هذا الهدف الكبير في الدائرة الاجتماعية الصغيرة ومن ثم العالمية الكبيرة، وكيف يمكن تجاوز هذه الموانع وإزالتها. وهكذا يتخرّج هذا المتعلم وقد أصبح شخصًا مسؤولًا بالكامل عن الحياة الاجتماعية لشعبه، بل للعالم كله.
لأجل ذلك، نحتاج إلى دراسة التاريخ انطلاقًا من البحث عن المشروع الإلهي الذي قاده الأنبياء، واستنباط أهم الدروس والعبر منه، والوقوف الدقيق على المرحلة التي وصل إليها ومن الذي يمثله اليوم ومن يقوده، وإلى أين ينبغي أن يصل، وما هي الموانع أو نقاط الضعف الحالية الموجودة في معسكر المؤمنين به، وما الذي يشكّله أعداؤه من تهديدات يمكن تحويلها إلى فرص وإمكانات مساعدة.
ولا يمكن الاستفادة المثلى من دروس التاريخ، ما لم نتعرف إلى أبعاد الرؤية الكونية المرتبطة بوجود الإنسان وخلافته لله في الأرض، وعلاقة ذلك كله بمصيره.
كما أنّ دراسة التجارب البشرية المختلفة، وخصوصًا ما يرتبط اليوم بدور العلوم الإنسانية والتكنولوجية على صعيد تكوين الوعي العام، كل ذلك يبدو ضروريًّا لإكمال رسم المشهد الكلي للمشروع الحضاري الكبير.
الشيخ محمد مهدي الآصفي
السيد عباس نور الدين
عدنان الحاجي
محمود حيدر
الفيض الكاشاني
السيد عادل العلوي
الشيخ محمد علي التسخيري
حيدر حب الله
الشيخ محمد صنقور
الشيخ علي رضا بناهيان
عبدالله طاهر المعيبد
حبيب المعاتيق
حسين حسن آل جامع
شفيق معتوق العبادي
جاسم بن محمد بن عساكر
رائد أنيس الجشي
ناجي حرابة
الشيخ علي الجشي
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
الانتظار الموجّه (1)
في رحاب سورة العصر (2)
لكي يزدهر الفكر في المجتمع ما هو العامل الأكبر؟
لدى المكفوفين خريطة دماغ للملاحظات البصريّة أيضًا
(تاروت الجزيرة الخضراء ومرفأ الأزمنة) جديد الدّكتور أحمد المعتوق
التّمركز بوصفه ثقافة كولونياليّة جائرة
محاضرة للدّكتور كميل الحرز بعنوان: (أخلاقيّات السّرد، أخلاقيّات المسرود)
حملة التبرّع بالدّمّ (دمك دمهم) بالخويلديّة، تفاعل وتكافل
إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ
في رحاب سورة العصر (1)