من التاريخ

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ محمد باقر الأيرواني
عن الكاتب :
الشيخ محمد باقر الأيرواني، فقيه وأصولي، ولد عام (1949 م) أستاذ كبير في البحث الخارج وله الكثير من المؤلّفات.

تاريخ البحث في القواعد الفقهية

الفقهاء لم يولوا القواعد الفقهية اهتمامًا كما أولوا القواعد الأصولية ذلك، فالقواعد الأصولية أفردوها بالبحث وبعلم مستقل تحت عنوان علم أصول الفقه، وأخذ هذا العلم بالتطور تدريجًا وبمرور الزمن حتى بلغ القمة في وقتنا الحاضر، بينما لا نجد هذا المعنى في القواعد الفقهية، فهي لم تفرد ببحث مستقل وإنما يبحثها الفقيه في علم الأصول وبشكل استطرادي، أو في الفقه وبمناسبات خاصة.

 

فقاعدة لا ضرر بحثها الشيخ الأعظم الشيخ الأنصاري (قدّس سرّه) في أصوله المسمى‌ بالرسائل، فبعد أن أنهى بحثه في البراءة والاشتغال تعرّض إلى بحث آخر تحت عنوان خاتمة في شرائط جريان الأصول العملية، فذكر أن أصل البراءة لا يجري إلّا إذا فحص المجتهد عن الأدلة الاجتهادية إلى حدّ اليأس عن العثور على دليل للحكم، إنّه آنذاك يمكنه إجراء أصل البراءة، وإلّا فقبل الفحص لا يمكنه إجراء الأصل المذكور، ثم أخذ يتدرج في البحث المذكور حتى وصل إلى نقل رأي عن الفاضل التوني يقول فيه: إن من شرائط جريان البراءة عدم كون المورد مشمولًا لقاعدة لا ضرر. وأخذ الشيخ بمناقشة الرأي المذكور، ولما أنهى مناقشته قال: إنّه لا بأس أن نبحث القاعدة المذكورة بشكل مستقل.

 

وأخذ ببحثها، وتابعه على ذلك من جاء بعده.

 

إن القاعدة المذكورة نجدها قد بحثت في علم الأصول ولم تبحث في الفقه، فضلًا عن إفرادها وإخواتها بعلم مستقل.

 

وهكذا نجد الأمر في مثل أصالة الصحة وقاعدة الفراغ والتجاوز قد بحثها الشيخ الأعظم في رسائله بمناسبة خاصة، وواكبه على ذلك من تأخّر عنه.

 

هذا شأن بعض القواعد الفقهية، وبعضها الآخر يبحثها الفقيه استطرادًا في أبحاثه الفقهية كقاعدة لا تعاد أو نفي العسر والحرج أو قاعدة اليد والقرعة و ...

 

ولعلّ أول من فكّر في إفراد القواعد الأصولية ببحث مستقل هو الشهيد الأول في كتابه المعروف بالقواعد والفوائد الذي طبع طبعة محققة في جزءين؛ ولكن الكتاب المذكور ليس ممحضًا في القواعد الفقهية، بل يذكر قواعد أخرى أجنبية عن الفقه هي أشبه باللغوية أو‌ الأدبية أو الكلامية أو الأصولية.

 

فمثلًا يذكر في القاعدة الأولى تفسير الفقه لغة وشرعًا، وفي القاعدة الثانية أقسام الحكم الشرعي، وفي القاعدة الثالثة أن العبادات تتصف بالأحكام الخمسة ما عدا الإباحة، فالصلاة مثلا تكون واجبة أو مستحبة أو مكروهة أو محرّمة ولا تكون مباحة، وهذا بخلاف العقود فإنها تتصف بجميع الأحكام الخمسة، وعلى هذا المنوال يذكر قواعد أخرى كثيرة.

 

ومن هنا نجد أن تسمية الكتاب جاءت بالقواعد والفوائد، فلم تقيد القواعد بالفقهية وعطفت الفوائد على القواعد.

 

وعلى أي حال إن بحث الكتاب المذكور عن القواعد الفقهية أمر نادر، وإذا بحثها اتفاقًا بحثها بالشكل المناسب لتلك الفترة الزمنية، فهو لا يذكر مدرك القاعدة وجهات البحث فيها وكيفية الاستفادة منها.

 

وجاءت في الآونة الأخيرة بعض المحاولات الجيدة في هذا المجال؛ أخص من بينها بالذكر: القواعد الفقهية للسيد البجنوردي، والقواعد الفقهية للشيخ الشيرازي، ومائة قاعدة للسيد المصطفوي.

 

ولا ننسى الالتفات الى أن الفترة المتوسطة بين عصر الشهيد الأول والآونة الأخيرة اشتملت على بعض المؤلفات الأخرى المخطوطة والمطبوعة.

 

فمن المطبوعة: عوائد الأيام في بيان قواعد الأحكام ومهمات مسائل الحلال والحرام للشيخ النراقي، إلّا أنّه ليس بمستوعب لها، بل هو يشتمل على عشر قواعد تقريبًا، وأكثره ناظر الى فوائد أخرى من قبيل البحث عن ولاية الفقيه، وتحقيق حال كتاب الفقه الرضوي، واستعراض بعض الفوائد الرجالية؛ من قبيل: بيان معنى أسند عنه أو الفرق بين الكتاب والأصل والنوادر، أو بيان معنى فلان مولى فلان، إلى غير ذلك.

 

ومن الكتب المخطوطة، بعض الرسائل الخاصة بالقواعد الفقهية التي أشار لها الشيخ آقا بزرك في الذريعة، كرسالة السيد محمد مهدي القزويني، ورسالة المولى محمد جعفر الأسترابادي وغير ذلك.

 

 

 

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد