مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ علي رضا بناهيان
عن الكاتب :
ولد في عام 1965م. في مدينة طهران وكان والده من العلماء والمبلغين الناجحين في طهران. بدأ بدراسة الدروس الحوزوية منذ السنة الدراسية الأولى من مرحلة المتوسطة (1977م.) ثم استمرّ بالدراسة في الحوزة العلمية في قم المقدسة في عام 1983م. وبعد إكمال دروس السطح، حضر لمدّة إثنتي عشرة سنة في دروس بحث الخارج لآيات الله العظام وحيد الخراساني وجوادي آملي والسيد محمد كاظم الحائري وكذلك سماحة السيد القائد الإمام الخامنئي. يمارس التبليغ والتدريس في الحوزة والجامعة وكذلك التحقيق والتأليف في العلوم الإسلامية.

العبادة طريق الوصول إلى العبوديّة

أهمّ ما يجري حال العبادات، ولا سيما الصلاة هو قطع الصلة بالأغيار، وتُشَمُّ مثل هذه القطيعة من الاعتكاف أيضاً، وتُشاهد في الحجّ الذي يعجّ بها، وتُلاحظ في الصيام المشحون بأمثلتها.

 

بل إنّ الإنسان في الأخير (أي الصيام) يقطع ارتباطه حتّى باحتياجاته الطبيعيّة والغريزيّة، فأنا أمتنع في الصيام حتّى عن سدّ حاجتي إلى الطعام...

 

فما لم يقطع الإنسان جميع أواصره، فسوف لا يحظى بتلك العلاقة الحقيقيّة، ألا وهي العلاقة بالله جلّ شأنه.

 

العبادة تعني قطع الارتباط بالأغيار، والإقامة عند باب سيّد الأكوان بُغية نيل العلاقة اللامرئية والمحاطة بالأسرار، العلاقة بالله سبحانه.

 

فالعبادة إذن، هي السبيل لإقامة هذه الصلة، فإنّي أعبد الله على أمل أن تتكوّن هذه العلاقة، فأعيشها، لأسلك - بعد ذلك - فيها إلى الله، وأقوّيها، ثم لا أعود أرى ذاتي ولا أجدها إلّا من خلالها، ولا أطلب غيرها.

 

فالعبادة هي تخصيص الوقت لاكتشاف هذه العلاقة، فلا ينبغي التملّص منها، بل لا بدّ من تخصيص وقت لها.

 

ولهذا تحديداً يتميّز الاعتكاف، فالمرء يُخصّص ثلاثة أيّام من وقته يبحث فيها عن صاحب الدار (الله تعالى)، ولسانُه يلهج: يا ربّي الذي لا أراه ولا أدركه ولا أتذوّقه، أين أنت؟! كيف ستبني علاقة معي؟! من ألمس وجودك أكثر؟! متى أستشعر حضورك أكثر؟! من أفهم كيف أنت؟!

 

الويل لمن يتوجّه إلى الله تعالى طالباً منه غير الله! فعلى المرء أن يُناجي ربّه أبداً بهذه النجوى: "إلهي، أعطني نفسك أوّلاً، فلماذا ينبغي أن أُحرم من الارتباط بك؟!".

 

ذات يوم قصد فتىً رجلاً روحانيّاً فقال له وهو يتلظّى حرقةً وصبابة: "لماذا لا يجوز لي الارتباط بالجنس الآخر؟ لأيّ سبب يُحرم عليَّ مصادقة فتاة؟!".

 

فطربت نفس الروحاني، واحترق ألماً وراح بشقّ الأنفس يخفي دموعه التي همّت تسيل على مقلتيه!

 

فلقد كان الفتى يفتّش عن علاقة هو بحاجة إليها، فتذكّر هو (أي الروحاني) علاقةً كان بحاجة إليها! فقال في ذات نفسه: "ما لي لا أطلبك كما يطلب غيري غيرَك؟!".

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد