مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد عباس نور الدين
عن الكاتب :
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران: الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه.

أيّ نوع من المربّين أنت؟

نظرة عابرة إلى أنماط التربية في العالم قد تساعدنا على اكتشاف أيّ نوع من المربيّن نحن. والمؤمَّل أن يكون هذا العرض محفّزًا لنا لاختيار النمط الأصلح الذي ينسجم مع الرؤية الصحيحة للحياة. وأشهر هذه الأنماط:

 

التربية المادية 

 

في هذا النمط، يكون همّ المربّي الأساس تنمية جسد المربّي أو تجميله؛ فينصب الاهتمام التربويّ على الطعام والشراب واللباس والمظهر والأناقة... وهذا يعكس أولوية عند المربّي تنشأ من نظرته للحياة ورؤيته لماهية المتربّي. وأغلب أصحاب هذا النمط هم المادّيون الذين يحصرون الوجود والحياة في إطار عالم الحواس والمادّة؛ حتى لو لم يشعروا بذلك.

 

التربية العلميّة

 

بعض المربّين يرون أنّ مسؤوليّتهم الكبرى تكمن في تعليم المتربّين وتمكينهم من تطبيق المعرفة في مجالات الحياة. وبنظر هؤلاء كلّما ازداد المرء علمًا ازداد كمالًا بمعزل عن أي بعد آخر. وهذا النمط هو السائد في مدارسنا ومعاهدنا العلمية، حيث يُقال إنّ التعليم يتغلّب على التربية. في حين أنّ التربية التعليمية هي التي تمثل محور التربية هنا. ولا شك بأنّ للعلم دورًا أساسيًّا في التكامل وفي تحقيق الأهداف المنشودة. لكن العلم الذي لا يتّصل بالأبعاد الأخرى ولا ينطلق منها لن يؤدّي في أحسن الأحوال إلا إلى صناعة الأسلحة الفتّاكة والأدوات المدمّرة التي لا تزيد البشرية إلا شقاءً.

 

فالإشكال الأكبر على هذا النمط يتمثّل في حصر التربية في إطار إعطاء العلم أو تنمية المهارات الذهنية والتعلّمية عند المتربّين وإغفال الأبعاد الأخرى التي لا تقل أهمية عن العلم، كالروحانية والجمال والتسليم والعبودية..

 

التربية القائمة على مبدأ التوازن والاستقرار

 

يغلب على علوم النفس التربويّة اليوم الاهتمام بقضية الاستقرار والتوازن والتكيف. وذلك باعتبار أنّ جميع الأمور الأخرى ليست حقيقية أو أنّها قد تتحقّق في ظلّ هذه الأمور. وحين يتراجع البحث الجاد حول معنى الوجود وحقيقته ولا تنطلق التربية من فلسفة متينة للحياة والوجود، فمن المتوقّع أن يتراجع البحث عن معنى السعادة أو ماهية السعادة الواقعية.

 

وبدل أن يكون هذا النمط التربويّ فاعلًا، فإنّه يصبح منفعلًا. فالمطلوب هو الحد من التأثيرات السلبية للمدرسة وتحدّيات الحياة وإعداد الإنسان وتربيته لكيلا يفقد توازنه أثناء سعيه الذي لا هدف جليًّا وراءه.

 

التربية الإسلامية

 

أمّا التربية الإسلاميّة فإنّها تنطلق من الاعتقاد بالدور المحوري للإنسان في عالم الوجود، وتطلق على هذا الدور عنوان الخلافة الإلهيّة. فمهمّة الإنسان الكبرى وسر وجوده على هذه الأرض يتمثّل في خلافة الله والقيام بالعمل الذي يمكن أن يقوم به الله تعالى بحسب صفاته تجاه هذه الأرض وكل مكوّناتها.

 

وتكشف هذه الرؤية عن فهمٍ عميق وخاص للإنسان، حيث يُعتبر موجودًا واحدًا في عين مراتبه المتعدّدة، التي تصل إلى أعماق لا يدركها إلا القلّة من العالمين. وفي هذه المراتب يوجد أجهزة فاعلة وقوى عاملة تتمحور التربية حول صيانتها ووضعها على طريق التكامل والفعلية ضمن برنامجٍ واحدٍ وخطّةٍ فريدة تتمثّل في إعمار الأرض وتبديلها لتكون مظهر جمال الله تعالى.

 

إنّ التربية الإسلامية تهدف إلى تربية الجسد أو تمكين المتربّي من التعامل مع شؤون بدنه وحاجاته ليكون قاعدة متينة لتكامل القوى الأخرى كالعقل والفطرة والخيال. وقد منح الله تعالى الإنسان القدرة على البيان، فجعل ذلك وسيلة رائعة للتواصل الفعّال بين مخلوقاته، ليكون لهم القدرة على استعمال وتسخير بعضهم بعضًا لأجل الخير والصلاح والكمال.

 

وكلّما قويت هذه الأبعاد وارتقت كان الإنسان سائرًا على طريق التكامل، وتحقّقت بذلك أهداف التربية الإسلامية. فإن كان الاقتدار هو العنوان الكبير لهذه التربية، فذلك لأجل القيام بتلك المهمّة التي انتُدب لها الإنسان، وبذلك يصبح لائقًا لمقام القرب والرضوان.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد