السيد عباس نور الدين
بعد مجيء آلاف الأنبياء تقبّلت البشريّة مثل هذا الدّور السّماويّ واستوعبت مبدأ الرّسالة الإلهيّة والحضور الرّبّاني في حياتها. لكن الكلفة الباهظة لمثل هذا الإنجاز كانت تعطّل تحقيق أحد أهم أهدافه. فقد اقتضى تحقيق الهدف الأوّل أن يظهر الأنبياء بمظهر من يفرض القوّة الإلهيّة عبر ما عُرف بالمعجزة، ممّا أدّى إلى احتجاب مهمّتهم الكبرى في تقديم النّموذج والمثل الأعلى خلف أعذار الناس وأوهامهم.. ولذلك كانت الحجّة، التي يستغلّها المعارضون للأنبياء، أينما أكّد الأنبياء على قضية الإنذار والتبليغ، هي أن يأتوا بآية تتوافق مع الأهواء.
لا شك بأنّ أنبياء الله لم ينساقوا لهذه الأهواء، لكنّهم اضطرّوا لاستخدام المعجزة من أجل إحداث الهزّة اللازمة لإدراك حضور الله تعالى. والمعجزة هي أمرٌ خارق خارج عن المسير الطبيعيّ للبشر. فكان ذلك سببًا لبروز مشكلة الاتّكالية والقعود. فأشهر الأنبياء في استخدام المعاجز الذي هو كليم الله موسى ـ على نبيّنا وآله وعليه السلام ـ نجده قد وصل في النهاية إلى مواجهة قوم شهدوا كل معاجزه وهم يقولون : {اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُون}.[1]
لم يكن الهدف من وراء تثبيت الحضور الإلهيّ في الحياة إلّا أن يشعر النّاس بضرورة الإقبال على الله والسّير إليه حتّى الوصول إلى مقام رضوانه والتحقّق بأسمائه وصفاته. هذا السّير الذي لا يمكن أن يتم كما ينبغي، إلّا وفق حركة اختياريّة ممزوجة بالوعي العميق.. فلا يمكن هداية النّاس بالقهر والجبر، ولا يمكن للإنسان أن يستقر في مقام الكمال من دون وعيٍ واختيار.
لهذا، كان لا بدّ من تثبيت المبدأ الثاني مهما كلّف الثّمن. لأنّ عدم ترسيخه في الحياة البشريّة سيؤدّي إلى انتفاء المعنى الأساسيّ للنبوّة ويظهر الأنبياء وكأنّهم لم يبلّغوا رسالات الله. فما هي فائدة كل هذه الدعوات إن لم يستفد النّاس منها لأجل الوصول إلى كمالهم وإلى مقام قرب الحقّ تعالى؟!
بالتّأكيد، إنّ ترسيخ هذا المبدأ يتطلّب أوّلًا تحقيق نموذج واقعيّ يتمثّل في صناعة إنسانٍ كامل على يد النبوّة وفي حضن الرسالة؛ ويجب بعدها أن يؤمن النّاس أنّه بإمكانهم الوصول إلى أعلى مراتب الكمال فيما لو اتّبعوا النبيّ وسلكوا طريقه. ولا يتحقّق هذا الإيمان بمجرّد طرح الفكرة أو الإقناع بإمكانيّة حصولها، بل يجب أن يشاهدوا ويعايشوا ويشعروا بهذا الإنسان ويحبّوه وينجذبوا إليه ويطيعوه ويقتفوا أثره.
ويمكن في هذه العجالة أن نقول بأنّ النبيّ الوحيد الذي تمكّن من إنجاز هذه المهمّة وتربية إنسان كامل يحتوي على جميع مراتب الكمال ويكون مثلًا أعلى لله تعالى حيث يرى الله فيه كل ما يريده من الإنسان هو خاتم النبيّين محمد صلى الله عليه وآله.
ولا يشك أحد بأنّ صناعة النبيّ هذه قد ظهرت في شخصية عليّ بن أبي طالب عليه السلام.
وبعد هذا الإنجاز الكبير، كان على رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يجاهد من أجل ترسيخ مقام عليّ ومحوريّته في الرسالة وفي الدين وفي المشروع الإلهيّ، وأن يقول للنّاس انظروا إلى عليّ كأنكم تنظرون إلى الدين كلّه وكأنّكم ترون كل ما يريده الله متحقّقًا ومتجسّمًا أمامكم.
فأصبحت قضية عليّ عليه السلام قضيّة الدين وقضيّة الرسالات وقضيّة النبوّة وقضيّة الله عز وجلّ. وصار كل خلاف وائتلاف يدور حوله، وإن سعت الشياطين إلى طمس معالم هذه القضيّة.
فإن لم نؤمن بعلي كثمرة للنبوّة فكأنّنا لم نؤمن بالرسالة. فما نفع الشجرة دون الثمرة؟!
ـــــــــــ
[1]. سورة المائدة، الآية 24.
إيمان شمس الدين
عدنان الحاجي
الشيخ مرتضى الباشا
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ محمد جواد مغنية
السيد محمد حسين الطهراني
الفيض الكاشاني
الشيخ محمد هادي معرفة
حسين حسن آل جامع
ناجي حرابة
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
الشيخ علي الجشي
عبد الوهّاب أبو زيد
فريد عبد الله النمر
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
السّيادة والتّسيّد وإشكاليّات التّغيير، الزهراء عليها السلام نموذجًا (1)
نمط حياتك قد ينعكس على صفحة دماغك ويؤدي إلى شيخوخته
الأسرة الدافئة (1)
جنة عدن
القرآن كتاب كامل ودائم ومستقلّ في دلالته
الولادة الميمونة لفاطمة (عليها السلام)
السيّدة الزّهراء: تحفة سماويّة الملامح
تطوّر اللّغة واضطراباتها، جديد المترجم عدنان الحاجي
القرآن وخلق العالم
مفهوم العبادة وحدّها