الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي
إذا استقرّت محبّة الله في قلب امرئ فإنّها ستحتلُّ كلَّ قلبه، وسينصبُّ كلّ همّه وغمّه عليها.
إنّ محبّة كهذه أورثت نبيّ الله شعيباً (عليه السلام) البكاء لسنوات طويلة حتّى فقد بصره، فأعاد الله عليه بصره، لكنّه استمرّ في البكاء حتّى أصابه العمى من جديد، فأرجع الله إليه نعمة البصر ثانية، فعاود البكاء والنحيب ثالثة حتّى بات ضريراً مرّة أخرى.
فجاءه جبرئيل بوحي من ربّه: إذا كان بكاؤك خوفاً من النار فقد حرّمتها عليك، وإنْ كان طمعاً في نعم الجنان فقد وهبتها لك، فقال شعيب: إلهي! إنّك لتعلم أنّني لا أبكي خوفاً من النار ولا شوقاً إلى الجنّة، بل إنّ حبّك هو الذي يبكيني ولن يقرّ لي قرار حتّى ألقاك!
إنّ محبّة من هذا القبيل تطرد أيّ حبّ مضادّ لها، ولا يبقى بوجودها محلّ لغيرها من ألوان الحبّ.
فحبّ أمور مثل اللباس الجميل، والخاتم الثمين، وأسباب الزينة، والدار، وغيرها من أمور الدنيا لا يتناسب مع هذا النمط من المحبّة، وهي أشبه ما تكون بلُعَب الأطفال في عين من يموج قلبه بمحبّة بارئه.
فإنّ العبد المغرم بالله تعالى قد وضع قدمه في موضع وكوّن علاقة (بأحد) لا يُعدّ الوجود برمّته في مقابله شيئاً.
بطبيعة الحال فإنّ بقاء مثل هذه المحبّة، حاله حال ظهورها، يحتاج إلى رعاية وتوفيق من الله تبارك وتعالى، فإن توقّفت رعاية الله للحظة، وطرأت على العبد الغفلةُ، فسيُبتلى بنفس تلك العاقبة التي ابتُلي بها شيخ صنعان الذي وقع –بعد سنوات من الزهد والتقوى– وبنظرة واحدة في هوى جارية نصرانيّة فزالت محبّة الله من قلبه، وقد بلغ به الأمر أن علّق الصليب في رقبته ورعى الخنازير للفوز بتلك الفتاة! (قصة الشيخ صنعان الواردة في كتاب "منطق الطير").
فالله إذا أوكل العبدَ، ولو للحظةٍ، إلى نفسه لم يستطع الأخير أن يصمد أمام هذه النفس.
بالطبع إنّ فعل الله تعالى ليس عبثاً، فشمول امرئ ما بعناية الله سبحانه إنّما هو بسبب أعمال قام بها أهّلته للحظوة بتلك العناية الإلهيّة، كما أنّ ترك الله عبداً لشأنه يكون على خلفيّة كفران الأخير وعدم شكره...
فالعبد لا يملك شيئاً من نفسه، وكلّ ما لديه فهو من ربّه وعليه إنفاقه في سبيله تعالى، وحتّى ما أسبغه الله -من القلب والعاطفة- على المرء فإنّه يتعيّن عليه صرفهما في سبيله أيضاً، فإن كان كذلك فسوف لا يبقى في قلبه مجال للتعلّق بالدنيا وألاعيبها الشيطانيّة.
فمن المستحيل، بأيّ حال من الأحوال، أن ينسجم حبّ الدنيا مع محبّة الله عزّ وجلّ، فاللذّات المادّية والحيوانيّة هي –كما جاء في الخبر– أشبه بالماء المالح الذي لا يزيد شُربُه العطشانَ إلا عطشاً...
فالقلب الشغوف بمناصب الدنيا ورئاستها هو قلب لا سبيل لمحبّة الله تعالى إليه، إذ لا تناسب ولا سنخيّة بين هذين الأمرين، بالضبط كالنور والظلمة، وحتّى لو كان مستحقّاً لنيل رعاية الله تعالى وعنايته سابقاً، فبمجرّد أن تتغلغل ظلمة حبّ الدنيا إلى قلبه سيخرج نور محبّة الله منه، فإنّ بين محبّة الله وحبّ الدنيا من التضادّ والتعارض ما يمنع اجتماعهما في مجال واحد...
الشيخ جعفر السبحاني
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ محمد علي التسخيري
الشيخ باقر القرشي
الشيخ محمد مهدي الآصفي
الشيخ محمد جواد البلاغي
حيدر حب الله
السيد محمد حسين الطهراني
السيد عبد الأعلى السبزواري
السيد جعفر مرتضى
عبدالله طاهر المعيبد
حسين حسن آل جامع
حبيب المعاتيق
ناجي حرابة
فريد عبد الله النمر
أحمد الرويعي
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
مشاهير مفسري الشيعة في القرنين الخامس والسادس (2)
نبي الإسلام القائد والمدير الفريد
منهج أهل البيت (ع) في بناء الإنسان الكامل (2)
وصايا النبي (ص) التربوية إلى الإمام أمير المؤمنين (ع) (2)
أوّل دروس النبيّ (ص): بناء الأمّة
حقائق حول الخسوف والكسوف
عوائق وعوامل صعود الأعمال
{وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ ..}
النص القرآني: المكانة والدّور
مشاهير مفسري الشيعة في القرنين الخامس والسادس (1)