مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد عباس نور الدين
عن الكاتب :
كاتب وباحث إسلامي.. مؤلف كتاب "معادلة التكامل الكبرى" الحائز على المرتبة الأولى عن قسم الأبحاث العلميّة في المؤتمر والمعرض الدولي الأول الذي أقيم في طهران: الفكر الراقي، وكتاب "الخامنئي القائد" الحائز على المرتبة الأولى عن أفضل كتاب في المؤتمر نفسه.

ما وراء هذه الجرائم والفظائع.. لماذا يستبشر العارفون بالحقائق الكبرى؟

عن يحيى بن سلمة عن أبيه أبي صادق، قال: "لا يخرج المهدي حتى يقوم السفياني على أعوادها".[1]

إذا صحّت هذه الروايات المرتبطة بالسفياني وما يفعله، فسوف يكون خروجه من أصعب وأفظع ما سيلقاه المؤمنون في منطقتنا، وسيكون ذلك بمثابة نزول العذاب الأليم عليهم؛ يجزّر بهم ويقتلهم شرّ قتلة ويتتبّعهم في كل مكان يصل إليه، مع دعم مطلق من الخارج. ولكن هذا الوضع المأساوي لن يطول، بل لن تمر سوى أيام قليلة حتى يخرج الإمام المهدي، ليبدأ عصر جديد من التحوُّلات الكبرى لصالح المؤمنين في كل العالم. وهكذا تجري سُنّة الله تعالى التي تقضي بـ {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}.[2]

 

شدائد الدنيا ومصائبها وعسراتها لا تدوم طويلًا، لأنّه كما يوجد جهنّم ونار يوجد جنة ونعيم، وهما الحقيقتان الخافيتان والباطنان الواقعيان للدنيا. وفي الواقع، ليست النار الآخرة سوى مقدمة إعدادية لجنة الخلد، حيث تمثّل لها تلك الطاقة الحرارية اللازمة لنضج ثمارها ونمو أهلها وانبعاث ما فيها من حياة وطاقة لا مثيل لها.

الجنة تحتاج إلى طاقة هائلة تكون شمسنا هذه عندها كقطعة حطب واحدة في مدفأة الشتاء. ولهذا فإنّ ما يزوّد الجنة بالطاقة لا يكون سوى نار عظيمة بعظمة الجنة. وهذه هي جهنم التي لا يسعّرها وقود إلا وقود أنفس الكافرين والظالمين والطواغيت والشياطين والمجرمين، {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتي‏ وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرين‏}.[3]

 فإذا أراد الله تعالى للجنة أن تزلف لأهلها وتستعد لاستقبال وفودهم عما قريب، كان لا بد لجهنم أن تزداد استعارًا حتى تؤمّن هذه الطاقة اللازمة، فتطلب المزيد من الحطب والوقود وهم الناس والحجارة، {وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ}،[4] و{يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزيد * وَأُزْلِفَتِ‏ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقينَ غَيْرَ بَعيدٍ}.[5] وهذا يعني تحريك العالم نحو مستوى من الإجرام لا مثيل له، حيث تتم عملية تسهيل تشكّل الأنظمة الاجتماعية التي تُيسّر لكل مجرم ارتكاب أفظع الشرور بحق الناس وتفعيل طاقاته الإجرامية، وتوفير المجال الحيوي والمؤسسات اللازمة لإعداد واستقطاب أكبر عدد ممكن ممن يمكن أن يرتكبوا أشكال الجرائم والفجائع!

 

ولو تأملنا في الكيان الصهيوني لوجدناه واحدًا من أنجح الكيانات والنظم الاجتماعية السياسية العسكرية الأمنية على صعيد تجنيد المجرمين، وتحويل الناس بسرعة فائقة إلى قتلة يمارسون القتل بسهولة (مثل امتلاك هذا المقدار من الأسلحة الفتاكة التي تكاد تصل إلى حد تقديم دبابة متطورة لكل جندي) وبكل دم بارد، ويتوقون ليل نهار إلى سفك دماء الأبرياء وتدميرهم وإجلائهم عن أرضهم وأسرهم وتعذيبهم والتنكيل بهم.

إنه نظام الإجرام الذي قل من يشبهه في العالم، حيث تعيش الأغلبية الساحقة من مواطنيه هذه الحالة النفسية الإجرامية على مدى السنين ودون توقف. وقد نجح هذا الكيان إلى أبعد حدود في عسكرة الناس وتعميق الحقد والرغبة بالقتل والدعوة إلى الإبادة في نفوسهم حتى صار مثار حسد من قبل الأوروبيين والأمريكيين المتعطشين للعنف والقتل والجيوش والأسلحة. وليس هذا في حقيقة الأمر إلا نتاج ذلك التسهيل والتيسير من رب العالمين، {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى‏}،[6]  بهدف تسعير جهنم وتقريب موعد الجنة المشتاقة لأهلها. وما أدراك ماذا يعني شوق الجنة.

الجنة تنتظر سكانها ليكتمل عددهم، وهو عدد لا يعلمه إلا الله. فهي تعمر بسكانها وتتألق بهم؛ ولا معنى للجنة بدون أهلها وهي حقيقة كبرى وأمر محتوم لا ريب فيه أبدًا.

 

ولكن القضية هنا هي أن هذه الجنة لن تكون مستعدة وكاملة إلا بوجود طاقة عظيمة تستمدّها؛ وهنا يأتي دور النار وجهنم والسعير. فإذا شاهدنا بحر الجرائم يستعر، والناس في معظم دول العالم غير مبالين ومكترثين، بل يتساهلون بشأن الجرائم وكثير منهم يطالب بها ويتمناها، كما هو الأمر عند عدد كبير من الناس في الغرب، فابشروا يا أصحاب الجنة الذين تتمنون لقاء الله الرحيم فيها؛ لأن الجحيم إذا سعّرت، فإن الجنة ستكون قد أزلفت. {وَإِذَا الْجَحيمُ سُعِّرَت‏ * وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَت‏}، و{فَريقٌ‏ فِي الْجَنَّةِ وَفَريقٌ‏ فِي السَّعير}.[7]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1].التشريف بالمنن في التعريف بالفتن، ص162؛ ورَوَى حَذْلَمُ بْنُ بَشِيرٍ قَالَ‏ قُلْتُ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ صِفْ لِي خُرُوجَ الْمَهْدِيِ‏ وَغَرِّفْنِي دَلَائِلَهُ وَعَلَامَاتِهِ فَقَالَ يَكُونُ قَبْلَ خُرُوجِهِ خُرُوجُ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ عَوْفٌ السُّلَمِيُّ بِأَرْضِ الْجَزِيرَةِ وَيَكُونُ مَأْوَاهُ تَكْرِيتَ وَقَتْلُهُ بِمَسْجِدِ دِمَشْقَ ثُمَّ يَكُونُ خُرُوجُ شُعَيْبِ بْنِ صَالِحٍ مِنْ سَمَرْقَنْدَ ثُمَّ يَخْرُجُ السُّفْيَانِيُ‏ الْمَلْعُونُ مِنَ الْوَادِي الْيَابِس وَهُوَ مِنْ وُلْدِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فَإِذَا ظَهَرَ السُّفْيَانِيُ‏ اخْتَفَى الْمَهْدِيُ‏ ثُمَّ يَخْرُجُ بَعْدَ ذَلِكَ. [بحار الأنوار، ج52، ص213]

[2]. سورة الشرح، الآيات 5و6.

[3].  سورة البقرة، الآية 24.

[4]. سورة الأعراف، الآية 179.

[5]. سورة ق، الآيات 30-31.

[6]. سورة الليل، الآية 10.

[7]. سورة الشورى، الآية 7.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد