فجر الجمعة

السيد حسن النمر: شهر رمضان فرصة لا تعوّض

تحدّث سماحة السيد حسن النمر في خطبة له بعنوان: (شهرُ رمضانَ فرصةٌ لا تُعوَّض)، حول أهميّة اغتنام فرصة حلول من شهر رمضان المبارك، وذلك في 29 شعبان 1446 هـ في مسجد الحمزة عليه السلام بسيهات.

 

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الخلق وأشرف الأنبياء والمرسلين، محمد بن عبد الله، وعلى آله الطيبين الطاهرين.

 

ربِّ اشرح لي صدري، ويسِّر لي أمري، واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي.
اللهم اجعل أعمالنا خالصة لوجهك الكريم.

 

عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله
التي لا تُنال بغير العلم والعمل، واغتنام الفرص التي تمرُّ مرَّ السحاب.

 

وها نحن وإياكم، أيها المؤمنون، بين يدي فرصة لا تعدلها فرصة، وهي شهر رمضان الذي نستقبله يوم غد أو بعد غد.

 

وانطلاقًا من إيماننا بثلاث قواعد أساسية، وهي:

 

  1. أن الوجود كله، ومنه الأوقات، غيبٌ وشهادة، وملكٌ وملكوت.
     
  2. أن الإنسان العامل أشدُّ ما يكون حاجةً في أداء عمله وتحقيق أهدافه إلى العلم بما ينبغي فعله وتركه، وما لا ينبغي منهما.
     
  3. أن عالم الغيب والشهادة هو الله تعالى.
     

فلا محيص من الرجوع إلى الكتاب والسنة، فإنهما وعاء علم الله.

 

فضائل شهر رمضان في القرآن الكريم

 

أما الكتاب الكريم، فقد جاء فيه قول الله تعالى:
 ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِى أُنزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْءَانُ هُدًۭى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَـٰتٍۢ مِّنَ ٱلْهُدَىٰ وَٱلْفُرْقَانِ﴾ (البقرة: 185).

 

وجاء فيه قوله تعالى:
 ﴿حمٓ ١ وَٱلْكِتَـٰبِ ٱلْمُبِينِ ٢ إِنَّآ أَنزَلْنَـٰهُ فِى لَيْلَةٍۢ مُّبَـٰرَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ ٣ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ٤ أَمْرًۭا مِّنْ عِندِنَآ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ٥ رَحْمَةًۭ مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ ٦﴾ (الدخان: 1-6).

 

وجاء فيه قوله:
 ﴿إِنَّآ أَنزَلْنَـٰهُ فِى لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ ١ وَمَآ أَدْرَىٰكَ مَا لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ ٢ لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌۭ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍۢ ٣ تَنَزَّلُ ٱلْمَلَـٰٓئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍۢ ٤ سَلَـٰمٌ هِىَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ ٱلْفَجْرِ ٥﴾ (القدر: 1-5).

 

وفي هذه الآيات دلالات واضحة على أن هذا الشهر قد خُصَّ بخصائص تجعله أفضل الشهور، ففي ليلة مباركة من لياليه، وهي ليلة القدر المباركة، نزل القرآن، وهو هدى للناس من الضلالة، وبينات من العمى، وهو الفرقان بين الحق والباطل، والخير والشر.

 

فبالمنزل (القرآن)، والمنزَّل فيه (شهر رمضان)، يعرف المحقون من المبطلين، ويمتاز الأخيار عن الأشرار.

 

إعداد النبي (ص) للأمة لاستثمار الشهر الفضيل

 

لهذا، لا غرابة أن يحرص الرسول (ص) على تهيئة المسلمين لاستثمار هذا الشهر من خلال التعريف بفضله وخصائصه، وبيان خارطة الطريق إلى ذلك بتحديد ما يجب أو ينبغي فعله، وما يلزم أو ينبغي تركه.

 

وقد مهد النبي (ص) لما يريد إعلام الأمة به، بخطبته التي ألقاها في استقباله، وهي التي استمعنا إليها، إذ قال:

 

"أيها الناس"، وكأنه ينبه إلى أن ما سيقوله يعمُّ كل فرد منهم، وأن من لا ينصت إلى خطابه هذا فلن يكون من الناس.

 

ثم أضاف قائلاً:

 

"إنه شهر هو عند الله أفضل الشهور، وأيامه أفضل الأيام، ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات".

 

وهذا يعني أن فرص الإنجاز فيه تفوق أمثالها في غيره من الشهور، فلا ينبغي التفريط فيها بحال من الأحوال.

 

أبواب الرحمة والكرامة في رمضان

 

ثم قال النبي (ص):

 

"شهر دُعيتم فيه إلى ضيافة الله، وجُعلتم فيه من أهل كرامة الله".

 

وهذا يعني أن عطاء الله يتضاعف في هذا الشهر بما يفوق قدرة الإنسان على التصور، وأن ما يناله المكرَّمون عند الله ليس مما يُنال بالجهد العادي.

 

ثم فصَّل النبي (ص) هذه الضيافة الإلهية بقوله:

 

"أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادة، وعملكم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مستجاب".

 

فأضياف الله في هذا الشهر:

 

  • يُسجلون مسبحين لمجرد تنفسهم.
     
  • يُسجلون متعبدين حتى وهم نائمون.
     
  • لا يقلقون من قبول أعمالهم الصالحة، فهي مقبولة.
     
  • دعاؤهم غير مردود، بل مستجاب.
     

لذلك، ينبغي أن نلاحظ في هذا الشهر:

 

  1. أنه فرصة لا تعوَّض.
  2. أن نستعين بالله على استثماره خير استثمار.
     

الورع عن المحارم هو مفتاح النجاح في رمضان

 

ثم ختم النبي (ص) خطبته بثلاث وصايا عظيمة:

 

  1. الإكثار من الصلاة عليه وعلى آله (اللهم صلِّ على محمد وآل محمد).
     
  2. اغتنام أبواب الجنان المفتوحة، وعدم إغلاقها بالمعاصي.
     
  3. الورع عن محارم الله، فهو أفضل الأعمال في هذا الشهر.
     

قال الله تعالى:


 ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ ٱعْبُدُوا۟ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (البقرة: 2: 21).

 

وقال تعالى عن الصيام:


 ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (البقرة: 183).

 

فلا قيمة للصيام بلا تقوى، ولا نجاة من الشقاء دونها.

 

دعاء ختام الخطبة

 

اللهم اجعلنا من أهل التوفيق في شهر رمضان، وجنِّبنا الخطايا والمعاصي، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

 

اللهم كن لوليِّك الحجة بن الحسن، صلواتك عليه وعلى آبائه، في هذه الساعة، وفي كل ساعة، وليًّا وحافظًا، وقائدًا وناصرًا، ودليلًا وعينًا، حتى تسكنه أرضك طوعًا، وتمتعه فيها طويلًا.

 

اللهم انصر الإسلام والمسلمين، واخذل الكفار والمنافقين، واشفِ مرضانا، وارحم موتانا، واغنِ فقرائنا، وأصلح ما فسد من أمر ديننا ودنيانا، ولا تُخرجنا من الدنيا حتى ترضى عنَّا، يا كريم.

 

وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين.

 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد